للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماوردي في صحته به تفصيلاً فقال: إن لم يكن الآخر قبض الأجرة، لمي صح الرهن به؛ لأنه وثيقة في الحق المستحق، والعمل قبل دفع الأجرة [غير مستحق].

[قلت: وهذا منه تفريع على أن عقد الإجارة، إذا ورد على منفعة في الذمة، يعتبر فيه قبض الأجرة في المجلس؛ كالسلم، وألا فلا فرق بينه وبين المرهن بثمن المبيع قبل القبض].

وإن كان [قد] قبض الأجرة، ففي جواز أخذ الرهن على العمل الملتزم في الذمة وجهان:

وجه المنع: أن استيفاء العمل في الرهن غير الممكن.

ووجه الجواز: أنه حق في الذمة له قيمة يمكن استيفاؤها من الرهن، فجاز كالدين.

قال: ولا يصحَ إلا بالإيجاب والقبول؛ لأنه عقد بين اثنين على مال، فافتقر إلى الإيجاب والقبول كالبيع.

ويجيء فيه الخلاف السابق في انعقاد البيع بالمعاطاة، والاستيجاب، والإيجاب، وهل يقوم اشتراط الرهن في عقد البيع، مثل أن يقول: بعتك بكذا، على أن ترهنني دارك بكاذ، فيقول المشتري: قبلت، ورهنت – مقام القبول؟ فيه خلاف، وظاهر النص –على ما حكاه المتولي – الاكتفاء به.

وقال القاضي الحسين: لا يتم به، بل يشترط أن يقول بعده: ارتهنت أو قبلت؛ لأن الذي وجد منه شرط إيجاب الرهن لا استيجابه، وهذا أصح عند صاحب التهذيب، والإمام، وحكى أنه الذي ارتضاه المحققون.

قال: ولا يلزم أي: من جهة الراهن – إلا بالقبض [خلافاً لأبي ثور] لقوله تعالى: - فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] ووجه الدلالة [منه] على ما حكاه الماوردي من ثلاثة أوجه.

أحدها: أنه وصف الرهن بالقبض، فوجب أن يكون شرطاً في صحته، كوصف الرقبة بالإيمان، والاعتكاف بالمسجد، والشهادة بالعدالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>