للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهان، فإن قلنا: لا يكون رجوعاً فكذلك هاهنا، وإن قلنا يكون رجوعاً، فالفرق أن التدبير أقوى بدليل نفوذه بعد الموت من غير قبول بخلاف الوصية، وإذا ظهرت قوته وضعف الوصية عنه لم يحسن القياس عليها، وإذا لم يكن رجوعاً احتمل أن يموت المدبر فجأة فيبطل مقصود الرهن وذلك غرر من غير حاجة فأبطل الرهن في الابتداء.

والصورة الأولى هي التي يقتضيها كلام المزني في المختصر، فإنه قال: ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخاً؛ لأنه أثبت له عتقاً قد يقع قبل حلول الرهن ولا يتصور أن يقع قبل حلول الرهن إذا كان المدبر هو الذي عليه الدين [إن أجرى اللفظ على ظاهره]، فإن الدين يحل في الوقت الذي يعتق فيه المدبر لا بعده، نعم إن أول مجمل قوله حلول الرهن على انفكاكه لم يختص بالصورة المذكورة، ولم أر في كلام الأصحاب ما يقتضي صريحاً أن الخلاف في غير هذه الصورة إلا في كلام الإمام.

وإن كان المدبر من عليه الدين فالمنع من رهنه ليس كخشية موته فجأة، وعتق المدبر به كما يقتضيه إطلاق الأصحاب؛ لأن المدبر إنما يعتق من الثلث ووفاء الدين من رأس المال، فهو مقدم على ما يعتبر من الثلث؛ بل لأن سقوط الأجل بالموت أو الحلول يقتضي الإجبار على بيع المرهون في وفاء الدين على الفور إذا امتنع من تعين عليه وفاء الدين من إيفائه، والمدبر بعد الموت لو صح رهنه لا يباع في الحال بل ينظر: إن وفت التركة بالديون سواه لم يبع، وعتق إن خرج من الثلث، وإن لم توف بيع منه ما يوفى بها إذ ذاك، وفي حال الحياة إذا انقضى الأجل لا يجبر على الرجوع في التدبير، وإذا لم يرجع فيه لا يبادر إلى بيع المدبر لو صح رهنه ما وجدنا له مالا غيره كما سنذكره عن الأصحاب من بعد، وفي ذلك تغيير لمقتضى العقد فلم صح معه.

وأيضاً فإن المرتهن ينحصر حقه في عين المرهون؛ حتى لا يتمكن من إجبار الراهن على الدفع من غيره، كما صرح به الإمام قبل باب الرهن، والحميل بخمس عشرة ورقة، وإن كان قادراً على تحصيله من غيره، وأشار إليه أيضاً بقوله في الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>