الثانية: أن يرهنه بدين يحتمل حلوله قبل وجود الصفة أو بعدها، كما إذا كانت الصفة وجود زيد مثلاً، وفي صحة الرهن والحالة هذه قولان، تفريعاً على المذهب في مسألة الكتاب أصحهما، وبه قطع بعضهم المنع، وقول الجواز.
قال القاضي أبو الطيب: إنه مخرج من جواز رهن المدبر فإن التدبير عتق بصفة.
أما إذا فرعنا على قول أبي علي الطبري فيها جاز هاهنا وجهاً واحداً، كما قال القاضي الحسين وفيه نظر؛ لأن أبا علي في مسألة تحقق الصفة قبل حلول الأجل يأمر ببيعه قبل وجود الصفة، كما يباع ما يسرع إليه الفساد قبل إشرافه عليه.
وهاهنا لا يتحقق حال وجود الصفة حتى يباع قبلها، نعم إن أمكن معرفة وقت وجود الصفة اتجه ذلك، ويبيعه قبل ذلك كما قال صاحب التقريب، فيما إذا كان العتق ارتفع بعَتَهٍ.
قال: وما يسرع إليه الفساد، أي: كالأطعمة والفواكه الرطبة التي لا يمكن تجفيفها، لا يصح رهنه بدين مؤجل، أي: بوقت يفسد قبل مجيئه من غير شرط بيعه عند خوف الفساد، في أصح القولين؛ لأنه لا يمكن إجبار الراهن على إزالة ملكه قبل حلول الدين؛ لكونه خلاف مقتضى العقد، وإذا كان كذلك تعذر استيفاء الحق من ثمنه؛ فلا يصح رهنه [كأم الولد]، وكما لو شرط ألا يباع عند إشرافه على الفساد.
قال: ويصح في الآخر أي: ويجبر على بيعه عند خوف الفساد، ويكون ثمنه رهناً؛ لأن العقد المطلق يحمل على المتعارف، والمتعارف فيما يفسد أن يباع قبل فساده، فيصير كما لو شرط ذلك، ولو شرط ذلك جاز وجهاً واحداً، فكذلك عند الإطلاق، وهذا القول مال غير العراقيين إليه، وهو الموافق لظاهر نصه في المختصر.
[وفي الحاوي: إذا صححنا رهنه لا نلزم الراهن ببيعه عند فساده] ولا خلاف في جواز رهنه بالدين الحال، ويباع عند الإشراف على الفساد، أما إذا كان المرهون مما يمكن تجفيفه كالرطب والعنب، وكذا اللحم جاز رهنه وجهاً واحداً، من غير