فإن قلنا بالأول ففيه خلاف مرتب على ما إذا أقر بسرقة مال، وأولى بأن ينفذ الصلح من حيث إنه في السرقة أقر بشيئين: القطع والمال، فلم يقبل في المال في الحال لحق المولى، وفي مسألتنا الإقرار بأحد الأمرين لا بعينه، ولم يكن في علمه أنه يأخذ المال دون القصاص، فكان أبعد عن التهمة.
وإن قلنا بالثاني انبنى على أن مطلق العفو على هذا، هل يقتضي المال؟
فإن قلنا: يقتضيه صح وتعلق برقبته، وإن قلنا لا يقتضيه، فهو مرتب على قولنا: الواجب أحد الأمرين وأولى بالثبوت.
والفرق أن أصل القتل ما أوجب المال.
قال: وإن جنى عليه تعلق حق المرتهن بالأرش أي: إذا ثبت إما في صورة الخطأ، أو عمد الخطأ، وقتل من لا يكافئه، أو عند وجوب القصاص، وعفا السيد فواً يوجب المال، كما قدمناه، ووجهه: أن الأرش بدل عن الفائت، فقام مقامه في تعلق الحق به، والقابض لذلك من كان الرهن تحت يده.
قال الماوردي: وليس للراهن قبضه، وهل يحتاج إلى استئناف رهن فيه ظاهر كلام الأصحاب أنه لا يحتاج.
وفي الرافعي في كتاب الوقف حكاية خلاف فيه، وعلى الأول هل يوصف قبل الأخذ بأنه مرهون؟ فيه خلاف فمن منع قال: لأنه دين والدين لا يرهن، ومن جوز هذا الإطلاق قال: هو مال.
قلت: ويشبه أن تكون مادة الخلاف في أن رهن الدين ابتداء هل يجوز؟ ويجوز أن يكون هذا بناء على المذهب في منع رهن الدين، ويغتفر في الاستصحاب ما لا يغتفر في الابتداء ولا فرق في الجناية بين أن تذهب قيمة المرهون أو تنقصها، فلو أذهبت حرًّا ولم تنقص من القيمة شيء، كما إذا قطع ذكر العبد، ففي الحاوي أن القيمة الواجبة بهذه الجناية تختص بالراهن ولا يتعلق بها حق المرتهن كالنماء.