للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونَا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبْ بِنَفَقَتِهِ إِذَ كَانَ مَرْهُوناً، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ".

ثم ما المراد بكونها على الراهن؟ فيه وجهان:

أصحهما – وهو مذهب العراقيين- أنه يجب عليه أن يقوم بها من غير المرهون؛ استيفاء لوثيقة الرهن.

والثاني: ويحكي عن الشيخ أبي محمد وغيره: أنه لا يجبر عند الامتناع لكن يبيع القاضي جزءاً من المرهون بحسب الحاجة، إلا أن يعلم أن النفقة تأكل المرهون قبل حلول الحق، فيلحق بما يفسد قبل الأجل فيباع، ويجعل ثمنه رهناً وهذا ما حكاه الغزالي عن قول المراوزة معبراً عنه بأن الإنفاق على الحيوان لا يلزمه إلا لحق الله تعالى، فإنه لم يرهن منه إلا ذاك، وضعف الرافعي هذا الوجه، بأن ذلك يفضي إلى إجراء الخلاف المذكور في رهن ما يتسارع إليه الفساد؛ إذ الاحتياج إلى هذه المؤنات محقق وهو بعيد، وعلى الأصح إذا لم يكن للراهن شيء أو لم يكن حاضراً باع الحاكم جزءاً من المرهون، وأكرى به بيتاً يحفظ فيه الرهن، وكذلك يفعل في مؤنة السقي والجذاذ والتجفيف، كذا حكاه الرافعي.

وفي تعليق [القاضي] أبي الطيب أن الحكم كذلك فيما إذا لم يكن له مال، أما إذا كان غائباً فإن الحاكم يكري من ماله، فإن لم يجد مالاً أكرى من الثمرة، فإن قال المرتهن: أنا أعطي مقدار الأجرة من مالي، وأرجع عليه بها، وكذا لو قال ذلك فيما إذا لم يكن له مال، وأذن له الحاكم في الإنفاق، جاز، وإن لم يجد حاكماً أو أنفق بهذا الغرض، وأشهد؛ ففي الرجوع عليه وجهان؛ بناء على القولين في هرب الجمال.

وأما المؤنات الدائرة فقد قال الرافعي: يشبه أن يقال: يحكمها حكم ما لو هرب الجمال، وترك الجمال المكراة أو عجز عن الإنفاق عليها، وهذا إذا لم يكن المرهون ماشية، أما إذا كان ماشية فللراهن أن يرعاها بالنهار ويأوي بالليل إلى الموضوعة على

<<  <  ج: ص:  >  >>