وقال أبو إسحاق: لا يصح من المرتهن فسخ الوكالة؛ لأن العدل ليس بوكيله، وإنما هو وكيل الراهن، وقول الشافعي:"ما لم يفسخا أو أحدهما" تعني: أن العدل يجوز له البيع ما لم يمنع الراهن أو المرتهن من ذلك، وهذا ما رجحه القاضي أبو الطيب في تعليقه، ونسب الأول إلى قول بعض الأصحاب، وقال: إنه ليس بصحيح؛ لأن العدل ليس بوكيل للمرتهن بالإجماع، وهذا يدل على أن الخلاف في [أن] الوكالة من جهة الراهن هل ترتفع بعزل المرتهن حتى يفتقر الراهن إلى تجديد وكالته إذا أريد بيعه، وقد صرح به الإمام.
وفي الحاوي: أن الذي عليه الجمهور من أصحابنا، وهو قول البصريين أن الوكالة ارتفعت، وما حكى عن أبي إسحاق لا يتحصل منه شيء وبعضه يناقض بعضاً؛ لأن الوكالة إنما هي إذن بالبيع فإذا منعه برجوع المرتهن عن البيع فقد زال موجب الوكالة.
وهذا صريح الشيخ إلا أن وكالة الراهن [لا] تنفسخ برجوع المرتهن كما لا تنفسخ وكالة المرتهن برجوع الراهن. انتهى.
وهذا منه يدل على أن وكالة الراهن لاترتفع على القولين معاً، وهوا لذي يقتضيه إيراد الغزالي في الوسيط فإنه قال: لو رجع أحدهما عن الإذن امتنع عليه البيع، ورجوع الراهن عزل فإنه الموكل، وإذن المرتهن شرط وليس بتوكيل، ولذلك لو عاد المرتهن، واذن بعد رجوعه جاز، ولم يجب تجديد التوكيل من الراهن.
ثم قال: ومساق هذا الكلام من الأصحاب مشعر بأنه لو عزله الراهن، ثم عاد ووكله افتقر إلى تجديد الإذن، وعليه يلزم لو قبل به ألاَّ يعتد بإذنه، للعدل قبل توكيل الراهن فلبؤخر عنه، ويلزم عليه الحكم ببطلان رضا المرأة في التوكيل بالنكاح قبل توكيل الولي، وكل ذلك محتمل، ووجه المساهلة إقامة دوام الإذن مقام الابتداء تعلقاً بعمومه فإنه إن لم يعمل في الحال فليقدر مضافاً إلى وقت التوكيل، وإذا احتملت الوكالة التأقيت والتعليق كان الإذن أولى بالاحتمال.
قلت: ووجه إشعار كلام الأصحاب بما ذكره أنهم لما استدلوا على أن إذن