أصحهما: نعم؛ لما ذكرناه، وهو الذي حكاه في "التتمة" عن الشيخ أبي حامد.
ووجه مقابله: أن عمر - رضي الله عنه - لم يحجر على الأسيفع، كذا قال المتولي والرافعي.
واعلم أن الحاكم إذا رأى بيع المال فلا يتولاه، إلا أن يثبت عنده أن ذلك ملكه بالبينة، كما صرح به الماوردي هنا، [والقاضي الحسين في كتاب الأقضية؛ حيث قال: إذا ادعى الخصم أن للمديون عقاراً في موضع كذا، فأقر به، وامتنع من بيعه - لا يبيعه القاضي حتى يقيم المدعي بينةً بأنه للمدعي عليه؛ لأنه ربما يكون لغيره، وبيع القاضي إياه يكون حكماً بأنه له]، وكلام الإمام في مسألة الظفر يدل عليه؛ فإن ضعف قول من قال: لا يبيعه بنفسه، بأنه إذا رفع الأمر إلى القاضي قد لا يجد بينة على إثبات دينه، وإن وجدها فقد يعجز عن إثبات كون هذه العين ملكاً لمن عليه الدين، وكلام صاحب "الإشراف" يدل على ذلك، وشيء آخر فإنه قال: القاضي يبيع الرهن بعد ثبوت الدين وصحة الرهن وملك الراهن أو يده يوم الإقباض، ثم قال: قال القاضي: هكذا ذكر المصنف، وهو في كتب أصحابنا بالعراق، إلا أنه قول أبي حنيفة، وعندنا مجرد اليد لا يدل على الملك، بل يشترط مع اليد قرينة التصرف، وامتداد المدة، وعدم المنازع، ويشترط في بيع التركة ثبوت الدين والملك والموت، والشهادة على أنه ملك الميت إلى أن مات، أو في يده وتصرفه تصرف الملاك.
قلت: وما ادعى القاضي أنه في كتب العراقيين من الاكتفاء باليد، يتجه جريانه هنا لأجل الحاجة، وقد يؤخذ من قول الشيخ في مسألة الظفر.
وقيل: يواطئ من يقر له بحق .. إلى آخره، وكلام ابن الصباغ ثم أدل عليه؛ فإنه ذكر أن أبا علي بن أبي هريرة، قال: لا يبيعه بنفسه، بل يواطئ رجلاً يدعي عليه ديناً عند الحاكم فيقر له، [ويقر له] بملك الشيء [الذي أخذه، فيمتنع من عليه الدعوى من قضاء الدين؛ يبيع الحاكم الشيء] المأخوذ، ويدفعه إليه.
وعلى الأول: يتجه أن يتعين الحبس إلى أن يتولى الممتنع من الوفاء البيع بنفسه؛ فإنه لا معترض عليه - كما قال الماوردي - ويوفي الدين.