الثاني: لو حلفوا، ثم أبرءوا عن ديونهم، فالمحلوف عليه يكون لهم ويلغو الإبراء، أو يكون للمفلس، أو يبقى على المدعي [عليه]، ولا يستوفي أصلاً؟ فيه ثلاثة أوجه، صرح بها ابن كج، والثالث منها هو المذكرو في "زوائد العمراني" في كتاب الشهادات في غرماء الميت.
واعلم أن ما ذكرناه من الأحكام في رجوع البائع في المبيع يجري في رجوع المستأجر شخصاً على عمل في الذمة، إذا كانت الأجرة باقية، وكذا الأجير عند فلس المستأجر بالأجرة قبل انقضاء مدة الإجارة على الأصح، وله بعد الرجوع في المبيع إذا كان أرضاً – وهي مشغولة بزرع المفلس – أجر مثل ما بقي من المدة مقدماً به إن رضي الغرماء بذلك، وإلا فله قلعه مجاناً، وليس له القلع مع الرضا، [وكذا للمسلم عند فلس المسلم إليه وبقاء رأس المال: الفسخ والرجوع إلى رأس المال، وكذا عند تلفه عند أبي إسحاق والصيدلاني وابن سريج، ولكنه يضارب برأس المال، وينزل ذلك منزلة انقطاع المسلم فيه.
[وعلى هذا: فهل يجيء قولٌ بانفساخ المسلم فيه؟ فيه وجهان:]
والأصح خلاف ما قاله أبو إسحاق وغيره؛ بل يتعين حقه في المضاربة: فإن كان ما يخصه من الموجود من جنس حقه سلم إليه، وإلا اشتري لهن ودفع إليه.
وهذا إذا لم يكن المسلم] فيه منقطعاً، أما إذا كان فعلى وجهٍ: ليس للمسلم الفسخ أيضاً؛ لأنه لابد من المضاربة فَسَخَ أو لم يفسخ بالإفلاس، والإفلاس إنما يفسخ به حيث يتخلص عن المضاربة، والأصح: أن له الفسخ.
وفائدته تسليم ما يحصل له من رأس المال إليه، بخلاف ما إذا ضارب بقيمة المسلم فيه؛ فإنه يحفظ له حتى يشتري له به من جنس حقه.
وحكم غرماء الميت إذا مات مفلساً حكم غرماء المفلس بعد الحجر، لكنا ذكرنا في جواز الحجر عليه إذا كانت أمواله تساوي ديونه وجهين خشية من تبذيره، وهاهنا هذا المعنى مفقود، مع أن الورثة ممنوعون من التصرف في التركة [حتى يوفى