فلو أداه الوكيل من مال نفسه فالحكم في الرجوع كما ذكرنا من قبل، لكن البندنيجي جزم في هذه الصورة فيما [إذا] أدى بغير الإذن: بأنه لا يرجع.
وإن قال له: صالح [على ذلك] بثوبك هذا، ففعل: فهل يصح؟ فيه وجهان، [وإذا صح [فهو] قرض للثوب أو هبة؟ فيه وجهان] حكينا نظيرهما من قبل.
وفي "الشامل" وغيره حكاية عن أبي إسحاق: أن الوكالة لا تجوز في الباطن مع الإنكار في الظاهر. وقد يفهم من هذا عدم صحة الوكالة والصلح، كما فهمه ابن يونس، وصرح بحكايته، وأشار إليه الشاشي، وصاحب "المرشد".
ويقال: ينبغي على هذا الرأي أن يكون الحكم ما لو لم يكن قد وكله.
وقد يفهم: أن المراد بعدم الجواز عدم الحِلِّ [لا عدم الصحة]، كما صرح به المتولي، ويعضده: أن الناقلين لهذا القول عنه جزموا بصحة ملك المنكر للعين المدعاة في الباطن إذا كان قد وكله، ولو كان المراد عدم الصحة لكان الحكم كما لو لم يكن قد وكله.
وأيضاً: فإنه كان يجيء وجه أنه لا يصح مصالحة [الأجنبي أصلاً]؛ لأنه لا بد أن يقول: وكلني، ونحن لا نصحح الوكالة، فيصير كأنه لم يقل ذلك، والطرق متفقة على صحة صلح الأجنبي، والله أعلم.
وإن قلنا: إنه لابد مع الوكالة من إقرار الموكل عند الوكيل فلابد أن يقول الوكيل: العين لك، وقد أقر بها المدعي عليه، ووكلني في مصالحتك. وهذا ما ادعى ابن يونس أن كلام الشيخ محمول عليه، وهو الذي أورده ابن الصباغ والمحاملي.