للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلى الأول: لو قطعها من غير مطالبة مالكها بالقطع، قال الماوردي: إن كانت يابسة لا تثني جاز، [ولم يضمن]، وإن كانت رطبة ضمن ما نقص من قيمة الشجرة بقطع الغصن منها.

وحيث يجوز القطع، فتولاه صاحب الدار – لم يرجع على مالك الأغصان بأجرة القطع، إلا أن يحكم الحاكم بالتفريغ، قاله في "الإيضاح".

قال: فإن صالحه عنها بعوض لم يجز؛ لأنه إفراد للهواء بالعقد. نعم، لو كانت الأغصان مستندة إلى الجدار، وأراد المصالحة على ذلك نظر: إن كانت يابسة جاز، وكان كمسألة الجذوع، صرح به المتولي. وإن كانت رطبة فوجهان:

أحدهما –وهو قول [أكثر] البصريين -: أنه يجوز، وما ينمو يكون تبعاً.

والثاني – وهو قول ابن أبي هريرة وجمهور البغداديين -: لا؛ لأنه يزيد ولا يعرف قدر ثقله وضرره، وانتشار عروق الأشجار في الأرض كانتشار الأغصان، وكذلك ميل الجدار إلى الهواء، قاله الإصطخري.

ولو كان ميل الجدار إلى دار صاحبه، وكان الجار خائفاً من انهدامه على نفسه أو ماله لم يلزمه هدمه؛ لأنه لم يفوت عليه في الحال حقًّا، ولا أتلف عليه ملكاً، وانهدامه في الثاني مضمون، قاله الماوردي.

تننبيه: قوله: في هواء دار غيره، بالمد، وهو ما بين السماء والأرض، وجمعه: أهوية؛ كغطاء وأغطية.

قال أهل اللغة: وكل خال هواء.

وأما هوى النفس؛ فمقصور يكتب بالياء. وجمعه: أهواء.

فرع: إذا غرس الرجل غراساً في أرضه، وكان يعلم أن الغراس إذا كبر وطال انتشرت أغصانه إلى دار الجار – لم يكن للجار أن يأخذ بقطعه في الحال. وهكذا لو أراد حفر بئر في أرضه، وكانت نداوة البئر [تصل إلى حائط الجار] لم يكن للجار أن يمنعه من حفرها؛ لأنه متصرف في ملكه؛ كما لا يمنعه من وقود النار في أَتُون حمَّامِ أنشأها بين الدور وإن تأذوا بالدخان.

قال: وإن كان له دار في درب غير نافذ، وبابها في آخر الدرب، فأراد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>