وكذا لو لم يكن في الأسفل إلا دار واحدة، [فأراد صاحبها] أن يقدم بابها إلى وسط الدرب، ويجعل ذلك دهليزاً، حكاه في "الحلية"، والذي اختاره في "المرشد" في هذه: المنع.
فرع: هل يجوز غرس شجرة وتصب دَكَّة في الشارع؟ فيه وجهان، المذكور منهما في طريقة العراقيين: المنع. ولا فرق بين أن يفعل ذلك بفناء داره أو لا، صرح به في "الوسيط".
ومحل الجواز إذا لم يضر بالمارة.
ويجوز أن يعجن الطين في الطريق؛ إذا لم يمنع المرور فيه، قاله العبادي.
قال: وإن كان بينهما حائط واقع، أو لأحدهما العُلْو وللآخر السُّفْلن فوقع السقف، أي: وهو مشترك بينهما، فدعا أحدهما صاحبه إلى البناء، أي: في الأولى، وإعادة السف في الثانية، وامتنع الآخر – ففيه قولان:
أصحهما: أنه لا يجبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ"، فلم يجبر على إنفاق ماله بغير طيب نفس منه، ولأنه لا يجبر على عمارة ملكه وإن تضرر به الغير؛ كما إذا كان خربه بعذر فيها، ولا على عمارة ملكه في حال الانفراد؛ فوجب ألا يجبر على ذلك في حال الاشتراك؛ كالزرع والغراس إذا أشرف على الجفاف طرداً، ونفقة البهائم عكساً.
والقول الثاني- وهو القديم عند الجمهور [لا غير]، والقديم وأحد قولي الجديد عند المزني وابن أبي هريرة على ما رواه الماوردي -: أنه يجبر، وهو الذي صححه ابن الصباغ، واختاره في "المرشد"؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار"، فلما نفى لحوق الإضرار دل على وجوب الإجبار، ولأنه لما استحق الشفعة؛ لزوال الضرر بها، ووجبت القسمة إذا دعا إليها أحد الشريكين؛ لينتفي الإضرار – كان وجوب المنافاة مع ما فيها من تضاعيف الضرر أولى.