والثاني: أن من ترك ديناً له ومالاً، فَعَليَّ اقتضاء الدين له، واستخراجه ممن هو عليه حتى يصير مع ماله تركة إلى ورثته.
[ولأجل هذا الاختلاف، اختلف أصحابنا في أنه: هل كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم قضاء ديون من مات ولا مال له أم لا؟ على وجهين، أصحهما في "النهاية" في أول كتاب النكاح: نعم، وعلى هذا: هل يجب مثل ذلك على الأئمة من بعده أم لا؟ فيه وجهان].
[وبالتفسير الثاني أخذ من لم يوجب من أصحابنا على الأئمة قضاء [ديون] المَوْتَى، إذا قلنا بأن ذلك كان حتماً على النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما هو الأصح في "النهاية" في أول كتاب النكاح.
ومن قال منهم بأنه يجب على الأئمة ذلك من سهم المصالح، تمسك بظاهر الخبر، وفسره بالتفسير الأول].
وقد أجمع المسلمون على أصل الضمان، وإن اختلفوا في التفصيل.
قال: من صح تصرفه في ماله بنفسه صح ضمانه، [أي: سواء كان المضمون عنه حياً أو ميتاً:
أما إذا كان ميتاً؛ فلحديث علي وأبي قتادة].
وأما إذا كان حيًّا فلما روي عكرمة، عن ابن عباس – رضي الله عنهم – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحمل عن رجل عشرة دنانير، وأنه أتى له بها فردها النبي صلى الله عليه وسلم عليه. وروي أن قَبِيصة بن المخارق الهلالي تحمل حمالة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:"نُؤَدِّيهَا عَنْكَ يَا قَبِيصَةُ" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "حَرُمَتْ الْمَسْأَلَةُ – أَوْ قَالَ: لاَ تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ – إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَيَسْأَلُ حَتَّى يَقْضِيهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ".
وقد حكى الرافعي عن أبي الحسين: أن من الأصحاب من لم يصحح ضمان