وما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:"يَدَ اللهِ عَلى الشَّرِيكينِ مَا لَمْ يَتَخَاونَا".
ولقد كان البراء بن عازب وزيد بن أرقم شريكين، فاشتريا فضية بنقد ونسيئة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم "فأمرهما: أن: مَا كَانَ بِنَقْدٍ فأجِيزُوهُ، وَمَا كَان بِنَسِيِئَةٍ فَرُدُّوهُ".
قال [الشيخ رحمه الله]: يصح عقد الشركة [أي] التي سنصفها من كل جائز التصرف بالإجماع. ولأن وضع الشركة توكيل بالتصرف منضم إلى التصرف في الملك والوكالة تصح من كل جائز التصرف ولا تصح من غيره؛ لأنه تصرف في المال فافتقر إلى أهلية التصرف فيه كالبيع.
فإن قيل: إذا كان وضع الشركة التوكيل، والأحكام لا تتغير بها فأي فائدة منها؟
قيل: الشركة ما أثبتت لتغيير وضع الأصول، وإنما الغرض منها أن المال إذا قل لا يجري في المتاجر، وإذا كثر انتظمت التجارة.
فالمقصود منها تكثير المال للتوصل إلى تحصيل الربح.
ولا فرق في صحة العقد بين أن يصدر بين مسلمين أو كافرين، أو [بين] مسلم وكافر. نعم شركة المسلم للكافر مكروهة؛ لما روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: أكره أن يشارك المسلم اليهودي. ولا يُعرف له مخالف.
ولأن مال الكفار ليس بطيب؛ لأنهم يبيعون الخمور ويتعاملون بالربا؛ ولذلك كرهت مخالطته. [ومن هذه] العلة يظهر لك أنه لا فرق في الكراهة بين أن يكون المتصرف: المسلم أو الكافر، كما صرح به البندنيجي، وقد ألحق الغزالي بالكافر في الكراهة: الفاسقَ.