أيضاً؛ فإنه حكى عن الأصحاب ما ذكرناه أولاً، ثم قال: وفيه فضل نظر؛ فإن مستند الشركة [في] التوكيل بالتصرف، وفي تعليق الوكالة خلاف.
فإن علق المالكان التوكيل بالتصرف بالخلط خرج على الخلاف لا محالة، وإن نجز التوكيل مع تمييز المالكين ثم فرض اختلاطهما فالوجه: القطع بصحة الوكالة أولاً، ودوامها مع وجود الاختلاط إذا كان يجري ذلك على حسب الإذن.
نعم، لو قيد الإذن بالتصرف في المال المنفرد فلابد من الإذن بعد الخلط.
وما ذكرنا في اعتبار الخلط مفروضٌ فيما إذا كان المالان متميزين، أما إذا كان المال مشتركاً بينهما على سبيل الشيوع، فهو آكد [في الخلط].
قال: وقيل: يشترط أن يكون مال أحدهما مثل [مال] الآخر في القدر؛ لأن الربح يحصل بالمال والعمل، فكما لا يجوز الاختلاف في الربح [مع التساوي في المال، والاختلاف] في العمل لا يجوز الاختلاف في الربح مع التساوي في العمل والاختلاف في المال، وهذا قول أبي القاسم الأنماطي. قال: وليس بشيءٍ. وقال الإمام: إنه هفوة غير معتد به؛ لأن المال أصل؛ بدليل أنه لا يجوز أن ينفرد أحدهما به، والعمل تابع [بدليل جواز انفراد] أحدهما به، والأصل لا يقاس على التابع.
ثم على المذهب وهو عدم اشتراط التساوي في المال: لو كان بينهما مال مشترك على الشيوع فهل يشترط العلم حالة العقد بمقدار النصيبين بأن يعرفا أن المال بينهما نصفان أو على نسبة أخرى؟ فيه وجهان:
[المذكور منهما في "بحر المذهب": عدم الجواز؛ فإنه قال: لا يجوز عقد الشركة على الدراهم المغشوشة؛ لان الفضة فيها مجهولة، ويجب أن يكون مال الشركة معلوماً، وكذلك في "الحاوي" عند الكلام في شركة الأبدان.
وأظهرهما] في الرافعي: أنه لا يشترط، وقيدَّه بما إذا أمكن معرفته من بعد، وهذا الوجه جزم به في "الوجيز"، ومقابله حكاه الإمام عن طوائف من الأصحاب