للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[والمال] لو كان مجهولاً فيها لم تصح أيضاً؛ فكذلك إذا كان العمل مجهولاً في هذه؛ ولأنهما عقدا على منفعة عينين متميزتين؛ فوجب ألاّ يصح، كما لو عقد السقاء الشركة مع صاحب الجمل والراوية على الاستقاء؛ فإنه لا يصح بالإجماع كما سنذكره وبالقياس على ما لو اشتركا على بعيرين ليؤاجرهما ويشتركا في أجرتهما.

قال: ويأخذ كل واحد منهما أجرة عمله؛ لأنه لم يبذله مجاناً فاختص بمقابله عند فساد الشرط، فإن كان عمل أحدهما متميزاً عن عمل الآخر، مثل أن خاط [أحدهما] ثوباً والآخر مثله ونحو ذلك، كانت أجرة كل ثوب لمن خاطه، وإن لم يتميز كما إذا خاطا القميص معاً، أو نسجا إزاراً معاً، كانت الأجرة على قدر أجور أمثالهما، وقد حكى العراقيُّون أن من الأصحاب من قال: إن للشافعي قولاً في هذه الشركة أنها جائزة؛ لأنه [قال:] لو أقر أحد الشريكين على صاحبه بمال لم يقبل إقراره، سواء كانا شريكين في المال أو في العمل.

وروى صاحب "التقريب" هذا وجهاً عن بعض الأصحاب.

والصحيح هو الأول، والقائلون به قالوا: ما ذكره الشافعي في الإقرار، يحتمل أن يكون تفريعاً على مذهب الغير؛ فلا يدل على أنه قول آخر. وقد نسب [الروياني] هذا [التأويل] إلى ابن أبي هريرة وأنه قال: أو يحمل على ما [إذا اشتركا] في المال على أن يعملا جميعاً.

قال: وأما شركة المفاوضة، وهي أن يشتركا على ما يكسبان بأموالهما وأبدانهما، وأن يضمن كل واحد منهما ما يلزم الآخر بغصب أو بيع فاسد أو ضمان مال فهي باطلة؛ لما فيها من الغرر.

قال الشافعي: لا أعلم في الدنيا [شيئاً باطلاً] إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة، ولا أعلم القمار إلا هذا وأقل منه. ولأنها شركة معقودة على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>