وحكى الرافعي عن بعض المتأخرين فيما إذا كانت الوكالة بصيغة الأمر –كقوله: بع، أو أعتق – أن الوكيل لا ينعزل برد الوكالة، وعزل نفسه؛ لأن ذلك إذن، وإباحة؛ فأشبه ما إذا أباح الطعام لغيره؛ فإنه لا يرد برد المباح له؛ وأن الإمام أورد هذا على سبيل الاحتمال قلت: وظاهر كلامه يقتضي تسليم ما ادعاه في الإباحة، وهو قضية قول الإمام: إنه لا أثر لقوله: رددت الإباحة.
وكلام الشيخ في المهذب يقتضي خلاف ذلك؛ فإنه استدل بجواز عزل الوكيل نفسه، وعزل الموكل له: بأنه إذن في التصرف في ماله؛ [فجاز لكل منهما إبطاله؛ كالإذن في أكل الطعام.
وفي بحر المذهب حكاية وجه فيما إذا دخل الوكالة العوض]: أنها لازمة، كالإجارة؛ وهذا أبداه الرافعي احتمالاً؛ بناء على أن الاعتبار بمعاني العقود، دون ألفاظها.
ثم صيغة العزل: أن يقول [الوكيل]: عزلت نفسي من الوكالة، أو يقول الموكل: عزلتك عنها، ويقوم مقام ذلك قول أحدهما: سخت الوكالة أو: نقضتها، وكذا لفظ الإزالة، والصرف.
وأما العزالضمني، فحصل بخروج ما تعلق به التوكيل عن الموكل بالبيع، والإبراء، والعتق، والطلاق، والحجر – في بعض الصور – ونحو ذلك.
فرع: لو وكل زيداً ببيع سلعة سماها، ثم قال وكلت عمراً بما وكلت به زيداً، لم يكن ذلك عزلاً؛ على الأصح، وكانا وكيلين له في بيعها.
وفي الحاوي في كتاب الوصية: أن بعض أصحابنا قال: إنه يكون عزلاً للأول.
قال: وإن عزله، ولم يعلم الوكيل، انعزل في أحد القولين؛ لأنه رفع عقد لا يعتبر فيه رضا أحدهما؛ فلا يعتبر فيه علمه به؛ كالطلاق.
ولأنه لما لم يكن [علمه] معتبراً في سخ الوكالة بالشرع – كما بالجنون