للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: والثاني: لا يضمن؛ لأن الكم يقدر الطرَّار على بَطِّهِ دون اليد فكانت أحرز، وهذا ما نص عليه في "المختصر" و"الجامع الكبير"، وهو موافق للنص فيما إذا نقل الوديعة من الحرز المعين إلى أحرز منه.

قال: وقيل: يضمن قولاً واحداً؛ لما تقدم، وهذا هو الصحيح، والقائلون به منهم من حمل ما نقله المزني [على ما إذا ربطها في كمه وترك اليد عليها؛ لأنه زاد خيراً، ومنهم من حمله] على ما إذا تلفت بأخذ غاصب؛ لأن اليد احرز بالإضافة إليه، وهو ما اختاره الشيخ ابو حامد، وحكى الرافعيُّ أن لفظ النص في "عيون المسائل" مصرح بهذا التنزيل.

وقيل: إن تركها في يده للخوف عليها في الكم لم يضمن، وإلا ضمن.

ولو امتثل امره فربطها في كمه فلا يحتاج مع ذلك إلى الإمساك باليد، لكن ينظر: إن جعل الخيط خارج الكم فأخذها الطرَّار ضمن؛ لأنه فيه إظهار الوديعة وحلُّه وقطعه أسهل، وإن ضاع بالاسترسال وانحلال العقد لم يضمن إذا كان قد احتاط في الربط؛ لأن الذي سقط يبقى في الكم، ولوجعل الخيط الرابط داخل الكم انعكس الحكم.

قال الرافعي: وذلك مشكل؛ لأن المأمور به مطلق الربط، فإذا أتى به وجب ألا ينظر إلى جهة التلف، بخلاف ام إذا عدل عن المأمور به إلى غيره فأفضى إلى التلفن وإن قضية هذا أن يقال: إذا قال احفظ في هذا البيت، فوضعها في زاوية منه، فانهدمت عليها – يضمن؛ لأنها لو كانت في زاوية أخرى لسلمت، ومعلوم أنه بعيد.

تنبيه: قوله: اربطها، هو بكسر الباء على المشهور، وحكى الجوهري عن الأخفش ضمها. وربط، ربِط ويربُط، ربطاً: أي شد.

والكم: جمعه: أكمام، وكِمَمة، بكسر الكاف وفتح الميم.

قال: وإن قال: احفظها في جيبك، فجعلها في كمه – ضمن؛ لأن الجيب أحرز من الكم؛ فإن الكم قد يرسله فيسقط ما فيه، بخلاف الجيب.

قال: وإن قال: احفظها في كمك، فجعلها في جيبه –لم يضمن؛ لأنه زاده

<<  <  ج: ص:  >  >>