للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كان الحاكم غير مأمون كان وجوده كعدمه، صرح به الماوردي.

قال: فإن سلم إلى أمين مع وجود الحاكم ضمن، قال القاضي أبو الطيب: لأن أمانة الحاكم مقطوع بها؛ فإنه لا يُوَلَّى إلا بعد أن تعرف عدالته ظاهراً وباطناً، وليس كذلك الواحد من الرعية؛ لأن عدالته إنما تثبت من طريق الظاهر؛ فكان عُدُوله عن الحاكم إلى الأمين غيرجائز، كعدول الحاكم عن النص إلى الاجتهاد؛ لأنه إذا دفع الوديعة إلى الحاكم، حفظها بولاية على صاحبها؛ لأن ولايته في حفظ مال الغائب، وليس كذلك غيره، وهذا ظاهر قوله في الرهن، وبه قال أبو سعيد الإصطخري، وابن أبي هريرة، وابن خيران، واختاره الشيخ أبو حامد وصححه القفال، وصاحب "التهذيب" وغيرهم، وبه جزم بعضهم.

قال: وقيل: لا يضمن؛ لأن القصد الحفظ، وهما في الحفظ سواء، ولأنه يجوز له الدفع إليه عند عدم الحاكم فجاز مع حضوره كالدفع إلى الوكيل، وهذا ظاهر النص هاهنا، وبه قال أبو إسحاق، واختاره في "المرشد"، وقال صاحب "البحر" والبندنيجي: إنه المذهب: وبه قطع بعضهم؛ فيحصل به في المسألة ثلاثة طرق: القطع بالضمان.

القطع بعدمه.

إجراء قولين.

وسلك الإمام طريقاً آخر فقال: إن سلمه إلى أمين مع وجود المالك أو وكيله أو الحاكم ضمن، وإن سلمه إليه عند خلو البلد عنهم فظاهر النص هاهنا: أن له ذلك.

وقال الشافعي في كتاب الرهن: العدل الذي أودع الرهن عنده، لو أراد سفراً فأودع ما عنده إلى أمين ضمن، وإنما قال ذلك في شُغُور المكان عن الحاكم، فلم يَرَ علماؤنا بين المسألتين فرقاً، وجعلوا المسألتين على قولين، ولا شك في أنه إذا وجد المالك فرد عليه وجب عليه القبول، وله الرد على الوكيل مع وجود المالك، وله مطالبة الوكيل بالإشهاد جزماً، وإن كان قد قبض الوديعة

<<  <  ج: ص:  >  >>