قال: فإن كان ذلك بسبب ظاهر كالحريق والنهب وما أشبههما، أي: مثل خشية الغرق ونحوه – لم يقبل إلا ببينة؛ لأنه يمكنه إقامة البينة عليه.
قال: ثم يحلف: إنها هلكت؛ لأنه ثبت عدم تعدِّيه في الإخراج، ويحتاج أن يحلف أيضاً: إنه أخرجها لأجل هذا السبب؛ فإنه قد يخرجها معه لغيره.
وقيل: لا يحتاج إلى اليمين على الإخراج لأجل هذا السبب؛ اكتفاء بظاهر الحال.
قال: وإن كان سبب خفي –أي: كخشية السرقة – قبل قوله [مع يمينه]؛ لأنه أمين، وقد ادعى عليه الخيانة فيما يعسر إقامة البينة عليه، فكان القول قوله كدعوى التلف، وقد شبه العراقيون ذلك بما إذا قال لزوجته: إن ولدت فأنت طالق، فادعت الولادة، لا يقبل قولها إلا ببينة، بخلاف ما لو قال: إن حِضْت.
قال: وإن قال: ما أودعتني – أي: بعد أن طلب منه الوديعة – فالقول قوله؛ لأن الأصل عدم الإيداع، لكنه إن كان كاذباً صار بالإنكار متعدياً، حتى لو أقر بذلك أو قامت عليه بينة بالإيداع، وتلفت في يده ضمنها. ولو ادعى تلفها أو رَدَّها قبل الجحود، ولم يكن له بينة – لم تسمع منه؛ لأن دعوى التلف والرد مناقض لإنكار الإيداع فلم يقبل منه.
قال: فإن أقام المدعي بينة بالإيداع، فقال – أي: المدعي عليه -: أودعتني، ولكنها هلكت، أقام بينة أنها هلكت قبل الجحود – سمعت؛ لأن البينة حجة ناصَّةٌ على الغرض فيجب الحكم بموجبها، وهذا ما قال القاضي الحسين: إنه المذهب، والإمام هاهنا: إنه ظاهر المذهب، ورجحه الرافعي أيضاً،