للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إنها هبة للمنافع، مع استيفاء ملك الرقبة؛ قاله الماوردي.

والأصل في جوازها واستحبابها قبل الإجماع من الكتاب – قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:٢]، وهي [من البر،] وقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [النساء: ١١٤] وهي منه.

ومن السنة ما روى مالك، وأبو داود، والنسائي عن صفوان بن أمية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعاً يوم خيبر، فقال: أغصباً يا محمد؟ فقال: "لا، [بل] عارية مضمونة مؤداة".

وفيه: أنه ضاع بعضها، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، قال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب.

وقال النسائي في بعض رواياته: "ثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً"، وغير ذلك من الأخبار التي سنذكرها.

ومن جهة المعنى: أن الأعيان لما جازت هبتها وإباحتها، فكذلك المنافع.

قال في البحر: وقد كانت واجبة في ابتداء الإسلام؛ حتى توعد الله – [تعالى – من] منعها، فقال {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون]، وهو كما قال ابن عباس، وابن مسعود: العارية.

وخصها ابن مسعود بإعارة الدلو، والقدر، والميزان.

قال: من جاز تصرفه في ماله، جازت إعارته؛ لأنها إباحة للمنافع؛ فلم تصح ممن لا يصح تصرفه في المال، وصحت ممن يصح تصرفه فيه؛ كإباحة الأعيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>