للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعرفها لأصحابنا، والذي عندي: أنه لا يضمن؛ لأن ضمان الغصب عندنا معتبر بضمان القبض في العقد، و [القبض في العقد في] الدابة بنقلها، وتحويلها، فكذلك هاهنا؛ [ولذلك] إذا وضع يده علىثوب إنسان بغير إذنه، لا يضمن.

وفي الحاوي: أن الغصب هو منع الإنسان من ملكه، والتصرف فيه بغير استحقاق، فإذا وجد ذلك، تم الغصب؛ فلزم الضمان، سواء نقل المغصوب عن محله أم لا.

وهذا يخرج ما إذا دفع لعبد الغير شيئاً؛ ليوصله إلى بيته من غير إذن مالكه.

وقد جزم القاضي الحسين في تعليقه، في آخر باب اللقيط؛ أنه يكون غاصباً؛ لأن مثل هذا يدخله في ضمانه بالعارية، وما ضمن في العارية، ضمن في الغصب، وطرد ذلك فيما إذا استعمله في شغله.

ثم الأصل في تحريم الغصب من الكتاب: قوله تعالى: [{إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: ٩٠] والغصب من جملة المنكر، [وقوله تعالى]: {وَلا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] وهو من الباطل.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: ٤٢]، والغصب من جملة الظلم؛ لأن حقيقة الظلم: وضع الشيء في غير محله.

ومن السنة: ما روى البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شِبْراً بِغَيْرِ حَقٍّ، خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ".

[وما روى مسلم عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ اقْتَطَعَ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ ظُلْماً، طَوَّقَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"].

<<  <  ج: ص:  >  >>