قلت: بل الأقرب ما ذكرناه؛ لأن مسألة الصبغ التي ذكرها في الرد بالعيب مصورة بما إذا كان الصبغ لا يمكن فصله، والكلام هاهنا في صبغ يمكن فصله أو لا يمكن كما سنذكره، فكان القياسعلى مسألة النعل أولى؛ لأنه عند إمكان الفصل مشابه له، وعند عدم الإمكان، يثبت هذا الحكم من طريق الأولى، بخلاف ما لو ألحق بالصبغ فإن حالة إمكان انفصال الصبغ هاهنا لا يبقى على الإجبار فيها دليل، وهذا الوجه حكى البندنيجي أنه ظاهر قوله في الأم، حيث قال: لو غصب ساجة وشقَّقها وأصلحها أبواباً، وسمر فيها مسامير من عنده، ثم رد الأبواب على مالكها، ووهب له [ما] فيها من المسامير؛ لزمه قبوله.
قال: وقيل: لا يجبر، وهو الأصح؛ لأنه عين قابلة الانفصال، فأشبه ما لو كانت منفرد، [و] كما قلنا في النعل إذا تركها له، فإنه لا يجبر على قبولها، كذا علل به القاضي أبو الطيبن ويخالف مسألة النعل؛ لأن الغاصب متعد، والمشتري غير متعد، ومما قاله القاضي يظهر أن محل الخلاف فيما إذا كان يمكن انفصاله، كما صرح به الماوردي و [كذلك طرده الروياني] في البحر في هبة المسامير، في الباب الذي اتخذه من اللوح المغصوب، وفي هبة الغراس في الأرض المغصوبة ووافقه في حكاية الخلاف في هبة الأشجار القاضي الحسين، وفي النهاية أن العراقيين قالوا: لا فرق في جريان الوجهين بين أن يكون الصبغ منعقداً لا يمكن فصله أو يمكن فصله، ولا بين أن تنقص قيمة الصبغ، أو الثوب بالفصل [أم لا]، وإن [كان] معتمد جريانهما الاتصال، وقيام الصبغ مقام الصنعة، وضعف قولهم.
وحكى طريقين آخرين عن الأصحاب في محل الوجهين يخصهما: