قال: وإن عمل فيه عملاً زادت [به] قيمته، بأن قَصَّر الثوب، أو علم من الخشب أبواباً، فهو متبرع بعمله: لأنه لم يأذن له فيه، ولا حق له فيما زاد، لكنه حصل بما هو متبرع به، وهكذا الحكم فيما لو غصب غزلاً، فنسجه، أو نُقرة فضربها، أو طيناً فضربه لبناً، وهل للمالك إجباره على إعادة النقرة كام كانت بسبكها، واللبن طيناً بدقه؟
قال الإمام: الذي قطع به الأئمة، [أن له][أن يكلفه] ذلك، والنظر إلى تتبع الأغراض، فإنها على الجملة ممكنة، وهذا مقطوع به في الطرق.
قال: وفيه تنبيه على أصل، وهو أن من غصب شيئاً على صفة، وغير صفته فهو على حكم هذه القاعدة ماطلب بر صفته إذا أمكن.
قلت: وهو موافق لما حكيته عنه فيما إذا [كان الصبغ لمالك الثوب] أن له إجباره على فصله مطلقاً، وقد يجري – هاهنا – ما حكيته عن الماوردي من التفصيل، والخلاف في مسألة الصبغ، ويؤيد القول بعدم الإجبار على النزع ما ذكرته عن صاحب التهذيب في آخر الفروع المذكورة من قبل.
قال: وإن غصب دراهم، فاشترى [بها] سِلعة في ذمته، ونَقَد الدَّراهم في ثمنها، وربح – رد مثل الدراهم؛ لأنها من ذوات الأمثال، وقد تعذر ردها، فغرم مثلها.
قال: وفيه قول آخر، أنه يلزمه ردها مع الربح؛ لأنه مما ملكه [و] في ذلك حسم باب ارتفاق الغاصب بالمغصوب؛ فإنه ربما يتخذ ذلك ذريعة إلى تحصيل الرباح، وهذا ما علل به الشافعي هذا القول في القديم كما حكاه القاضي أبو الطيب، في كتاب القراض، وحكى أن شيوخنا الخراسانيين مثل القفال، وغيره، بنوه على أن البيع الموقوف يصح عنده، فإن له في البيع الموقوف