وحكى الماوردي عن البصريين من أصحابنا أنهم جزموا بالرجوع هاهنا، وحكوا الخلاف فيما إذا وهب الطعام منه وأقبضه إياه [فأكله، وفرقوا بأن] استهلاك الأكل بإذن الغاصب حصل فرجع عليه، [واستهلاك الموهوب له [حصل يوم إذن الغاصب] فلم يرجع عليه]، وهذه الطريقة تؤخذ من كلام المتولي؛ فإنه جعل الخلاف في الهبة مرتباً على الخلاف في التقديم، وأولى بالرجوع، والأصح في الكل عدم الرجوع، وسكوت الشيخ عنه في هذه المسألة استغناء بما ذكره فيما إذا قال هو: لي، فإن التغرير فيه أبلغ، ومع هذا لم يكن سبباً للرجوع، وكان فيما دونه من طريق الأولى.
فرع: لو اختلفا في العلم بالحال والجهل به.
قال الماوردي: إن قال الواهب: علمت أنه مغصوب من غيري، فالقول قول الموهوب له، وإن قال: أعلمتك حال الهبة أنه مغصوب، فالقول قول الواهب؛ لأنه زعم فساد الهبة.
قال: وإن ضمن الغاصب، فإن قلنا: لا يرجع الآكل على الغاصب، رجع الغاصب؛ لاستقرار التلف تحت يده، وتخالف المسألة [التي] قبلها؛ لأنه ثَمَّ اعترف بأنه مظلوم بما [غرمه فيؤاخذ] بإقراره.
قال:[وإن قلنا: يرجع الآكل؛ لم يرجع الغاصب لعرو ذلك عن الفائدة، ثم لا يخفى أن محل ما ذكرناه من الرجوع على الآكل إذا كان حرًّا مكلفاً، أما لو كان عبداً، أو بهيمة، فإن كان ذلك بغير إذن مالكها؛ فهو مضمون على الغاصب وحده فيرجع به عليه، ولا يرجع به على مالك البهيمة والعبد، ولا يتعلق برقبتهما [شيء] قاله الماوردي.
وقال الرافعي وغيره: ما أكله العبد هل يتعلق برقبته؟ يخرج على الخلاف إن قلنا [إنه] يرجع به على الحر فقد جعلنا ذلك بمنزلة الجناية، يتعلق ذلك