للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والماوردي ذلك وهو ظاهر عمن يقول: لا يملك الشقص إلا ببذل الثمن.

أما إذا قلنا: إنه يملكه بمجرد الأخذ، فهو شبيه بما إذا أعتق شركاً له في عبد وهو موسر وقلنا: إنه يملك حصة الشريك ويعتق عليه دون دفع القيمة، والحكم في هذه الصورة إذا وقع الاختلاف في القيمة أن القول قول المعتق، تمسكاً بأن الأصل فراغ ذمته من القدر الزائد.

ووجه الشبه: قدرة المعتق والشفيع على تملك [مال] الآخر [بفعل أحد المتنازعين] قهراً.

وطريق الجواب أن يقال: الاختلاف في مسألتنا وقع في أمر دخل الوجود بفعل أحد المتنازعين، فكان المرجع فيه إليه؛ لأنه أعرف به.

والاختلاف في قيمة المعتق اختلاف في أمر مظنون لكل من المختلفين، فلم يكن أحدهما فيه بأولى من الآخر، ويرجح جانب المعتق بفراغ ذمته من القدر الزائد [والله أعلم].

فإن قيل: لم لا يتحالفان كما يتحالف المتبايعان؟

قيل: لأن كل [واحد] من المتابعين مدع ومدعى عليه؛ فتحالفا لاستوائهما، وفي الشفعة الشفيع مدع وحده دون المشتري، بدليل عدم سماع بينة المشتري ابتداء، وإذا كان كذلك جعل القول قول المشتري؛ لتفرده بالإنكار، وهذا ما أورده الماوردي.

وقيل: لأن البائع والمشتري اتفقا [على السواء] على وقوع الملك للمشتري وكل منهما مباشر للعقد، والاحتمال في قولهما على السواء. وهاهنا لم يتفقا على وقوع الملك للشفيع، والشفيع أجنبي عن العقد، فكان تصديق المباشر أولى.

وقيل: لأن البائع والمشتري يرجع كل منهما إلى شيء بعد التحالف، والشفيع لو جوز له التحالف لم يرجع إلى شيء بعده، فلا فائدة في تحليفه. وهذا قول أبي إسحاق.

و [اعلم أنه] لا خلاف [في] أنه إذا كان لحدهما بينة عمل بها، ويكفي فيها شاهد [ويمين ورجل] وامرأتان، ولا تسمع في ذلك شهادة البائع

<<  <  ج: ص:  >  >>