ولنختم الباب بفروع تتعلق به:
إذا باع في مرض موته شقصاً قيمته ألفان بألف من أجنبي وثلثه يحتمله، ولوارثه شفعة في الشقص ففيما يصنع؟ خمسة أوجه:
أحدها: أن البيع يصح ولا يأخذ الوارث بالشفعة.
أما صحة البيع مع المحاباة؛ فلكون المشتري أجنبياً، وأما عدم ثبوت الشفعة للوارث؛ فلأنها لو ثبتت كان المريض متسبباً إلى نفع وارثه بالمحاباة.
والثاني: أن البيع يصح ويأخذ الشفيع الشقص بالثمن.
والثالث: لا يصح البيع أصلاً؛ لأنه لو صح لتقابلت فيه أحكام متناقضة.
والرابع: يصح البيع في الجميع ويأخذ الشفيع ما يوازي الثمن [منه]، ويبقى الباقي للمشتري محاباة.
والخامس: لا يصح إلا في القدر الموازي للثمن؛ لأنه لو صح في الكل فإن أخذه الشفيع وصلت إليه المحاباة، وإن أخذ ما وازى قدر المحاباة؛ كان إلزاماً لجميع الثمن ببعض المبيع، وهو خلاف وضع الشفعة.
وقد يقال في العبارة عن هذا الوجه إن ترك الشفيع الشفعة صحت المحاباة مع المشتري، وإلا فهو كما لو كان المشتري وارثاً فلا تصح المحاباة.
والأصح من هذه الأوجه عند العراقيين وصاحب "الإفصاح" والأستاذ أبي منصور والإمام [و] البغوي: الثاني.
وعن ابن الصباغ الأول، [وهي تجري] فيما إذا لم يجزم الورثة عند كون المحاباة أكثر من الثلث، وصححنا البيع في قدر بعض المحاباة.
إذا شهد شاهدان بأن المشتري سلم الشقص المشفوع إلى الشفيع، وآخران بأن الشفيع سلم الشفعة إلى المشتري، ففيه أقوال لابن سريج.
أحدها: أن البينة بينة من في يده الشقص.
والثاني: بينة المشتري؛ لاحتمال أنه سلم الشقص قبل العلم بالعفو عن الشفعة، والأصل بقاء ملكه.