قال: وإن قال: على أن لي النصف- لم يصح؛ لأنه ذكر لنفسه بعض الربح الذي هو مالك لجميعه؛ فلم يكن فيه بيان لما بقي.
وهذا قول المزني كما حكاه الفوراني، وابن سريج كما حكاه البندنيجي، وأبو إسحاق، وابن أبي هريرة كما حكاه الماوردي.
وقيل: يصح حملاً على موجب القراض واشتراكهما في الربح، فصار البيان لنصيب أحدهما دالاً على أن الباقي للآخر، وهذا كما قال تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ}[النساء: ١١] فإن في ذلك دلالة على أن الباقي للأب، وهذا قول ابن سريج كما حكاه الماوردي والفوراني.
قال: والأول أظهر؛ لأن العامل لا يملك شيئاً إلا بالشرط ولم يوجد.
وعلى هذا الخلاف يبنى ما لو قال: قارضتك على أن لي نصف الربح، ولك ثلثه وسكت عن الباقي، فيكون على الأظهر قراضاً فاسداً؛ للجهل بحكم السدس الباقي وعلى مقابله: يصح.
ولو انعكس الحال فقال: على أن لك نصف الربح ولي ثلثه، كان على الأظهر في المسألة قبلها [قراضاً صحيحاً. وعلى مقابله] قراضاً فاسداً.
قال:[وإن شرط لأحدهما ربح شيء يختص به. لم يصح. صورة ذلك: أن يدفع إليه [ألفين في كيسين]، ويقول: لك ربح هذا أو لي ربح هذا، أو يقول: لك ربح ما يحصل في الثياب، ولي ربح ما يحصل في الدواب، أو نحو ذلك.
ووجه المنع: أنه قد لا يربح في أحدهما؛ فيؤدي إلى فوز المالك بعمل العامل مجاناً، أو العامل يفوز بنماء مال رب المال من غير أن يحصل له شيء، وذلك خلاف وضع القراض.
وهكذا الحكم فيما لو قال: قارضتك على أن لي من الربح درهمين، والباقي بيننا نصفين؛ لأنه قد لا يربح المال إلا درهمين؛ فيؤدي إلى ما ذكرناه.
ويخالفه لو قال: على أن لي أو لك الثلث والباقي بيننا، فإنه يصح؛ لأن أحدهما لا يفوز بالربح دون الآخر.