قال: إلا أنه إذا تصرف [العامل] نفذ التصرف؛ لأن الإذن موجود، ولا فساد فيه، وبه يستفاد التصرف، قال: ويكون الربح كله لرب المال؛ لأنه نماء ملكه، وللعامل أجرة المثل؛ لأنه عقد يستحق المسمى في صحيحه؛ فاستحق أجرة المثل في فاسده كعقد الإجارة.
وفي المسألة الأولى وجه نسبه الماوردي إلى المزني: أنه لا يستحق أجرة المثل؛ لأنه عمل مع الرضا بأنه لا ربح له؛ فهو متطوع بعمله.
والصحيح الأول، وبه قال ابن سريج؛ لأنه عمل في قراض فاسد؛ فصار كالمنكوحة على غير مهر تستحق مع الرضا بذلك مهر المثل.
وحكى المراوزة في المسألتين خلافاً في أن [هذا] الذي جرى، عقد قراض فاسد أم هو في الأولى إبضاع وفي الثانية عقد قرض؟ وبنوا ذلك على أن الاعتبار في العقود بألفاظها أو بمعانيها؟ فإن اعتبرنا الألفاظ كان قراضاً فاسداً، وإن اعتبرنا المعنى، كان في الأولى إبضاعاً، وفي الثانية قرضاً؛ لأن ذلك معناهما.
وقالوا: إذا قلنا في الأولى: إنه قراض فاسد، فهل يستحق أجرة المثل؟ فيه وجهان:
وخرجوا على هذه القاعدة ما لو قال: باضعتك على أن الربح كله لك، فعلى قول من نظر إلى اللفظ، جعل الربح كله لرب المال، وجعل للعامل أجرة المثل؛ لأنه لم يعمل مجاناً.
وعلى قول من نظر إلى المعنى، جعل ذلك قرضاً.
ولا فرق في استحقاق أجرة المثل بين أن يحصل في المال ربح أم لا، بخلاف ما لو كان عقد القراض صحيحاً؛ فإنه لا يستحق شيئاص ما لم يكن في المال ربح.
قال القاضي أبو الطيب: والفرق أنه لما استحق المسمى وإن كان أكثر من أجرة المثل عند وجود الربح وصحة القراض، جاز ألا يستحق شيئاً إذا عري عن الربح حتى إذا كان له الفضل في الزيادة، كان عليه الضرر في النقصان. وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنه لو كان في المال ربح فاضل عن أجرة المثل، لم يكن له، فكذلك إذا لم يكن فيه فضل استحق أجرة المثل، فتكون الزيادة لما لم تنفعه لا يضره النقصان.