شك فيه وفي كلامه في صدر الباب ما يدل على افتقاره إلى القبول حيث قال: صح منه عقد القراض، فإن العقود وضعها الافتقار إلى القبول، وقد صرح بذلك الرافعي و [غيره]، وأثبته الإمام بلا خلاف.
وكما ينعقد القراض بلفظه، ينعقد بلفظ المضاربة [والمعاملة] أيضاً، ويعتبر القبول فيه على الفور، كما في [عقد] البيع ونحوه ولا يفتقر مع ذلك إلى قوله: "بِعْ مَا تَشْتَرِيهِ" على الأصح، وفي "النهاية" وجه ضعيف في الافتقار إليه كما يفتقر إليه في قوله- عند دفع المال إليه مقتصراً على قوله:[اشتر به] على الأصح حتى لو لم يقل ذلك كان الربح كله لرب المال.
وينعقد أيضاً بقوله: خذ هذا الألف وتصرف فيه أو اتجر فيه على أن الربح بيننا مع القبول اتفاقاً، وكذا بدونه عند القاضي الحسين كما لو قال لمن يخاطبه:"بع عبدي" فإنه لا حاجة إلى القبول، بل يكفي قبضه والتصرف فيه، وبهذا جزم في "التهذيب" واستبعده الإمام.
وحكي عن شيخه والطبقة العظمى من نقلة المذهب: أنه لا بد من القبول، ثم قال: وكيف لا يكون كذلك وهذه معاملة اختصت [بمعين] وفيها استحقاق العوض والمعوض، فكيف تثبت من غير قبول، وبهذا خالف الجعالة؛ فإن إبهام العامل فيها جائز، والوكالة؛ فإنها إذن مجرد، وليس العوض فيها مستحقاً.
وينعقد- أيضاً- بقول رب المال أو وارثه أو من يقوم مقامه بعد فسخ عقد القراض: تركتك أو أقررتك على ما كنت عليه على أظهر الوجهين عند الإمام، ولا ينعقد بذلك عند شيخه، وهو مفرع على منع انعقاده بالكتابة.
وهل ينعقد بلا لفظ من ألفاظ العقود، مثل أن يقول رجل للآخر: طلبت من فلان ألف درهم؛ ليكون قراضاً والربح بيننا نصفيفن، فأبى؛ فدفع إليه السامع ألفاً؟ فيه طريقان في "التتمة"، والصحيح عدم الانعقاد، وقال: إن طريقة الانعقاد مخرجة على جواز بيع المعاطاة.
فرع: لو شرط أن يكون للعامل ثلث الربح والثلث لرب المال والثلث لغلامه