للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمام احتمالاً مقيساً على ما إذا اشترى عبداً صغيراً فكبر وباعه، فإنا لا نعرف خلافاً في أن ربحه مقسوم بينهما وإن كان ما يفرض من فائدة فهي حاصلة من التغيير الذي لحق الرقيق.

والثاني: أن القراض ارتفع؛ لأنه أمره بالتصرف في الحنطة وهو يريد التصرف في الدقيق وليس له ذلك، ولو باع الدقيق أو الخبز؛ لم ينعقد البيع، ولكن الربح الذي حصل من الحنطة لهما، وهذا ما نسبه الإمام إلى القاضي وطوائف من المحققين وأنهم بنوا عليه ما إذا أمر رب المال العامل، فطحن الحنطة، أنه يصير بذلك فاسخاً لعقد القراض.

وجعل الرافعي الأول أظهر، وهو الذي جزم به في "التتمة"، وكذا في "التهذيب"، لكن سوى في ذلك بين ألا يكون رب المال قد أذن له في شراء الحنطة كما ذكرنا وطحنها وبين أن يكون قد أذن له في التصرف مطلقاً، فاشترى الحنطة وطحنها. وعلة القاضي في الوجه الثاني ترشد إلى أنه إذا أذن له في التصرف مطلقاً أن القراض لا ينفسخ؛ لكن الإمام حكى عنه أنه علله بأن الربح يحال على التغير الحاصل بفعله وغير التجارة لا يقابل بالربح المجهول، وهذه العلة تقتضي [تعميم] جريان الخلاف.

تنبيهان:

أحدهما: المراد بعموم الوجود حالة العقد في الموضع المعين للتجارة، ولا يعتبر عموم وجوده في سائر الأزمان والأمكنة حتى يصح القراض على الثمار الرطبة إذا كانت موجودة، وإن كانت مفقدة لدى العقد فلا يصح، فإذا صح فهل ينقطع بانقضاء زمنها أو يبقى القراض مستمراً حتى إذا جاء أوانه تصرف فيه؟ فيه وجهان كذا صرح به الماوردي.

وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنه [إذا قال] قبل إدراك البطيخ: قارضتك على أن تتصرف في البطيخ إذا أدرك؛ ففي صحة القراض وجهان، وهذا تفريع على صحة القراض عليه ناجزاً إذا كان موجوداً وهو الصحيح، وفيه وفي الثمار الرطبة وجه حكاه ابن الصباغ عن بعض أصحابنا: أنه لا يجوز القراض عليه أخذاً من قول الشافعي: إذا شرط أن يشتري صنفاً موجوداً في [الشتاء والصيف].

<<  <  ج: ص:  >  >>