للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذي أطلقه الإمام من أن العقد قائم، فهو محمول على ما قاله الماوردي، فإن كلامه من بعد يرشد إليه، لكن سنذكر عن الإمام في آخر الباب أن العامل إذا خلط رأس مال القراض بماله ضمن، ولا ينعزل عن التصرف مع أن ما ذكره الماوردي من كونه غاصباً موجود فيه.

وعلى كل حال: إذا سافر بمال القراض ينظر: إن كان المتاع في البلد الذي سافر إليه أكثر قيمة أو تساوت القيمتان؛ صح البيع لعموم الإذن، والمنع من السفر إنما كان للخطر فيه، والبيع لا خطر فيه.

وإذا صح البيع استحق الربح كما شرط.

وإن كان أقل قيمة مما يتغابن [الناس] بمثله فباعه لم يصح البيع.

ثم حيث يصح البيع فيكون الثمن مضموناً عليه؛ لكونه قبضه من موضع لم يتناوله الإذن.

قال: فإن سافر بالإذن فقد قيل: إن نفقته في ماله؛ لأنه استحق الربح الذي [شرط بالعمل]؛ فلا يستحق شيئاً آخر لأجله كما في الحضر، ولأنه ربما يفوز بسبب ذلك بكل الربح.

وهذا ما نص عليه في البويطي، وبه قطع أبو إسحاق [وابن أبي هريرة، وزاد أبو إسحاق]، فقال: ولا يعلم للشافعي في قديم ولا جديد أنه ينفق على نفسه، كذا حكاه [عنه] في "البحر"، وقال: إن أكثر أصحابنا على هذه الطريقة.

قال: وقيل: على قولين أحدهما: أنها في ماله؛ لما ذكرناه وهو الأصح.

والثاني: أنها في مال المضاربة وهو نصه في "المختصر" وبه قطع بعضهم؛ لأنه حبسه عن التكسب بالسفر؛ لأجل القراض، فأشبه المرأة تحبس عن التكسب بسبب الزوج.

وبهذا خالف الحضر؛ فإنه غير ممنوع من التكسب فيه.

وهذه الطريقة صار إليها أبو الطيب بن سلمة وابن الوكيل، واختارها الشيخ أبو حامد وجماعة؛ كما قال في "البحر"، وهي أظهر عند الرافعي.

والقائلون بالأول حملوا نصه في "المختصر" على النفقة بسبب حمل الأمتعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>