قال: ولا يجوز إلا على جزء معلوم من الثمرة؛ لأنه أنفى للغرر وأقطع للمنازعة.
واحترز الشيخ بلفظ الثمرة عن أن يجعله من غيرها فإنه لا ينعقد العقد مساقاة بل إجارة إن وجد شرطها.
قال: كالثلث والربع والأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ساقى أهل خيبر على الشطر مما يخرج من ثمر وزرع مع جهل قدره، وقد اتفق العلماء حتى أهل الظاهر على أنه لا يشترط التقييد بالشطر؛ فتعين أن المراد التقييد بالجزء.
قال: وإن شرط [أن] له ثمرة نخلات بعينها أو آصعاً معلومة من الثمرة لم يصح؛ لأنه خلاف ما ورد الخبر به، ولما ذكرناه في القراض والحكم عند قوله: ساقيتك على هذا النخل من غير أن يذكر شيئاً من الثمرة، أو على أن لي النصف، أو على أن لك النصف، أو على أن الثمرة بيننا، أو على أن الثمرة كلها لي؛ كالحكم المذكور في القراض وفاقاً وخلافاً صرح به الرافعي والماوردي؛ حتى حكي عن ابن سريج فيما إذا قال: ساقيتك وأطلق أنه يصح على نصف الثمرة.
وحكي عن الأكثرين فساد العقد فيما إذا قال: على أن الثمرة بيننا.
ولو قال: ساقيتك على أن الثمرة كلها لك؛ قال الأصحاب: فسد العقد، ولا يجيء فيه ما ذكرناه في القراض أن الثمرة تكون للعامل [على] وزان أن الربح كله للعامل؛ لأن هناك قدرنا المدفوع إليه قرضاً وهاهنا لا يمكن قرض الأشجار، ولكن هل للعامل أجرة عمله؟ فيه وجهان في "الإبانة":
ووجه المنع: أنه عمل وعنده أنه يعمل لنفسه، ومن عمل لنفسه لا يستحق أجرة على غيره.
وفي "التتمة" حكاية وجه في صحة العقد إذا شرط كل الثمرة للعامل لغرض القيام بتعهد الأشجار وتربيتها، ويجوز إذا ساقاه على ثلاث سنين مثلاً وأن يجعل للعامل في السنة الأولى النصف، وفي الثانية الثلث، وفي الثالثة السدس وبالعكس كما جزم به في "الحاوي" وحكاه ابن الصباغ عن ابن أبي هريرة، وحكي عن غيره: أنه خرج ذلك على ما إذا أسلم في قمح وشعير إلى أجل واحد، لاختلاف السنين في الأحكام.