الثاني: أن نمنع أن المراد عدم إيجابها في حالة النكول والحلف كما ذكر؛ لكون الكلام الأول مغنياً عنه [لكن المراد ما إذا لم تثبت خيانته وضم إليه المالك مشرفاً احتياطاً، فإنه يجوز وأجرته عليه] كما صرح به الإمام والله أعلم.
قال: فإن لم يتحفظ بالمشرف استؤجر عليه من يعمل، عنه؛ لتعذر استيفاء العمل بالواجب عليه منه والقدرة عليه بهذا الطريق.
وقيل: يستأجر عليه ابتداء وهو ظاهر ما نقله المزني في "المختصر"، والجمهور لم يثبتوا اختلاف نقل المزني قولين، بل نزلوه على حالين كما ذكر الشيخ.
قال: وإن هرب العامل استؤجر من ماله من يعمل عنه؛ لأن العقد لا ينفسخ بهربه؛ كما لا ينفسخ بصريح فسخه، وإذا لم ينفسخ فالحق متوجه عليه، وتحصيله ممكن بهذا الطريق فتعين، والمستأجر هو الحاكم فيرجع الأمر إليه وتثبت عنده المساقاة وهرب العامل بعد اللزوم، فإذا ثبت ذلك طلبه، فإن وجده ألزمه العمل، وإن لم يجده وكان له مال ظاهر اكترى عليه من يقوم مقامه في العمل.
قال: وإن لم يكن له مال [أي] ظاهر أقرض عليه؛ لأن للحاكم ولاية الإقراض لوفاء الحقوق التي تفوت بالتأخير، والإقراض يكون من بيت المال، فإن لم يكن فيه فضل اقترض من آحاد المسلمين، ولو اقترض من رب النخل جاز، وهذا إذا لم يجد من يرضى بأجرة مؤجلة إلى مدة تدرك فيها الثمار، فإن وجد استأجره وأعطاه أجرته عند إدراك الثمرة من ثمر نصيب العامل.
قال: فإن أنفق عليه رب المال بغير إذن الحاكم أي: مع قدرته عليه لم يرجع؛ لأنه متبرع، فإن أذن له الحاكم في ذلك جاز كما صرح به البندنيجي، وأبو الطيب، وادعى المحاملي نفي خلافه.
وفي "تعليق" القاضي الحسين وغيره من كتب المراوزة حكاية وجهين في الرجوع:
وأصحهما: المحكي عن العراقيين ووجه المنع: أنه متهم [في حق نفسه]