ولو قال: زارعتك على البياض وساقيتك على النخيل بكذا، فقال العامل: قبلت- فقد حكى الإمام عن القاضي: أنه يصح وجهاً واحداً.
وقال: إن الذي ذكره صحيح.
قال: ولا يجوز ذلك إلا على جزء معلوم من الزرع كالمساقاة للخبر.
وقول الشيخ: كالمساقاة يجوز أن يكون نظمه قياساً وهو الأقرب، ويجوز أن يكون جعله شرطاً آخر وهو أن يكون الجزء المشروط من الزرع للعامل، كالجزم المشروط في المساقاة؛ كما حكاه الماوردي عن البصريين.
لكن الراجح- وهو الذي جزم به المحاملي والقاضي أبو الطيب، وحكاه الماوردي عن البغداديين: عدم اشتراط ذلك؛ بل يجوز أن يشترط له من الزرع الربع، ومن الثمرة النصف، وبالعكس.
ولنختم الباب بذكر فائدة وفرع يتعلق به.
فائدة: ما الحيلة في تحصيل مقصود المزارعة إذا لم يكن ثم نخل؟
قلت: قد ذكر الأصحاب لذلك صوراً فلنقتصر منها على ما نص عليه الشافعي، وهو أن يكري مالك الأرض نصفها بنصف عمل العامل، ونصف منفعة الآلات التي يستعملها العامل إن كانت الآلات له، ويكون البذر مشتركاً بينهما، فيشتركان في الزرع على حسب الاشتراك في البذر.
والفرع: لو كان بين نخل المساقاة زرع لرب النخل- كالموز والبطيخ وقصب السكر- فساقاه على النخل والزرع معاً على أن يعمل فيهما بالنصف منهما، ففيه وجهان:
أحدهما: تجوز المساقاة في الزرع تبعاً للمساقاة [في النخل؛ كما تجوز المخابرة تبعاً للمساقاة].
والثاني: لا، والفرق: أن المساقاة على الزرع هي استحقاق بعض الأصل، والمخابرة على الأرض لا يستحق فيها شيء من الأصل، كذا قال الماوردي، والله أعلم.