كان في حكم المودع المؤتمن في تلك المدة؛ يعني: لا تحسب عليه، وإن استأجر وفي الطريق خوف ثم رجع وذلك الخوف قائم فماتت الدابة فلا ضمان عليه؛ لأن الحرص في العقد جرى مع العلم بالخوف القائم فيضمن الرضا [به].
ولو استأجر طاحونتين متقابلتين [ثم نقص] الماء وبقي ما يدير به إحداهما ولم يفسخ- قال العبادي: يلزمه أجرة أكثرهما ولو دفع غزلاً إلى نساج واستأجره لينسجه ثوباً طوله عشرة في عرض معلوم فجاء بالثوب وطوله أحد عشر لا يستحق شيئاً من الأجرة.
قال المتولي: لأنه في آخر الطاقة الأولى من الغزل صار مخالفاً لأمره، فإذا بلغ طولها عشرة كان من حقه أن يعطفها ليعود إلى الموضع الذي بدأ منه، فإذا لم يفعل وقع ذلك وما بعده في غير الموضع المأمور، وإن جاء به وطوله تسعة فإن كان طول السدى عشرة استحق من الأجرة بقدره، لأنه لو أراد أن ينسج عشرة لتمكن منه، وإن كان طوله تسعة لم يستحق شيئاً لمخالفته في الطاقة الأولى فلو كان الغزل المدفوع إليه مسدَّى واستأجره كما ذكرناه، ودفع إليه من اللحمة ما يحتاج إليه، فجاء به أطول في العرض المشروط- لم يستحق للزيادة شيئاً، وإن جاء به أقصر في العرض فإن كان أنقص نظر. إن كان ذلك لمجاوزته القدر المشروط [من الصفاقة لم يستحق شيئاً من الأجرة؛ لأنه مفرط؛ لمخالفته أمره، وإن راعى المشروط] في صفة الثوب رقة وصفاقة فله الأجرة؛ لأن الخلل والحالة هذه من السدى، وإن كان أزيد فإن أخل بالصفاقة لم يستحق شيئاً [من الأجرة] وإلا استحق الأجرة بتمامها؛ لأنه زاده خيراً [إذا راعى الصفات المشروطة]، كذا قال المتولي هذا الفرع بجملته، والله أعلم.