قال: اغسل ثوبي، فغسله. وهذا ما نسبه الأكثرون إلى ابن سريج، وقال الإمام: إنه المنصوص، وعليه عامة الأصحاب.
وقيل: يستحق، أي: أجرة المثل لأن رب الثوب صار مستهلكاً لعمله في ملكه؛ فصار كالغاصب، وهذا قول المزني على ما حكاه الماوردي، وقال القاضي أبو الطيب: إنه نقله عن "الجامع الكبير"، والإمام حكاه عن بعض الأصحاب، وقال إن المزني اختاره. ووراء ذلك وجهان:
أحدهما- وبه قال أبو إسحاق المروزي-: إن كان رب الثوب سأل الغسال مبتدئاً، فقال: اغسل ثوبي هذا- فله الأجرة.
وإن كان الغسال طلبه مبتدئاً من ربه، فقال: أعطني ثوبك لأغسله- فلا أجرة [له].
والثاني- وبه قال ابن سريج كما حكاه الماوردي، والشيخ في "المهذب"، وصاحب "التهذيب"-: إن كان الغسال معروفاً بأنه يغسل بأجرة فله الأجرة، وإلا فلا [أجرة له]. وهذا ما أجاب به الغزالي في باب العارية، ونسبه إلى المزني، وكذلك الروياني.
قال الماوردي: والأول مذهب الشافعي، وما عداه فاسد بباذل الطعام ودافع الدار؛ حيث لم يقع الفرق بين أن يكون سائلاً أو مسئولاً، أو معروفاً بالمعاوضة أو غير معروف.
وقد أبدى الإمام في كتاب العارية لنفسه وجهاً خامساً، وهو أن يقال: إذا لم يكن معروفاً، ينظر فيه: فإن كان مثله لا يطلب على مثل هذا عوضاً فلا عوض، وإلا فيجب. وإن هذا يناظر اختلاف المذهب في الهبة المطلقة واقتضائها الثواب كما سيأتي. أما إذا سمى له شيئاً: فإن كان معلوماً استحقه، وإن كان مجهولاً استحق أجرة المثل وجهاً واحداً. وهكذا إذا قال: اغسله وأنا أرضيك، كما قاله القاضي الحسين.
قال الماوردي وغيره: والوجوه الأربعة تجري في القصار والخياط والحلاق [والدلاك] في الحمام ونحوهم.