الرد يجوز أن يكون على ما ذكر في مكري الجمال إذا هرب مالكها وخلاها عنده، ويجوز أن يقال: ذاك أمر أفضت إليه الضرورة، وهاهنا أثبت اليد عليه باختياره؛ فله كلف مؤنته. وقد يؤيد هذا بالعادة، كذا ذكر ذلك الرافعي، وقال: إنه لم يقف عليه منقولاً. ولفظ الماوردي: أنه إذا أنفق الجائي بالعبد من طعامه وشرابه كان متطوعاً.
إذا قال: من رد عبدي فله عشرة، ثم قال: من رد عبدي فله خمسة، أو بالعكس- فالاعتبار بالنداء الأخير، صرح به الماوردي وغيره. وقال في "الوسيط": إذا لم يسمع العامل [النداء] الثاني، احتمل أن يقال: يرجع إلى أجرة المثل. وهذا إذا كان الثاني قبل الشروع في العمل، أما إذا كان بعد الشروع، فالظاهر تأثيره في الرجوع إلى أجرة المثل؛ لأن النداء الأخير فسخ الأول، والفسخ في أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أجرة المثل.
إذا قال: بع هذا، أو: اعمل كذا ولك عشرة دراهم- قال الرافعي: ففي بعض التصانيف [أنه] إن كان العمل مضبوطاً مقدراً، فهو إجارة، وإن احتاج إلى ترددات غير مضبوطة.
قلت: وهذا غير ما ذكره الإمام في آخر باب الإجارة إذا قال لغيره: إن أخبرتني بخروج فلان من البلد فلك كذا، [فأخبره] – قال القفال في "فتاويه": إن كان له غرض في خروجه استحق، وإلا فلا. وهذا يقتضي أن يكون صادقاً، قال الرافعي: وينبغي أن ينظر في أنه هل يناله تعب أم لا؟
إذا قال: إن رددت عبدي من البصرة فلك دينار، فأصابه بواسط فرده- كان له نصف دينار؛ لأنه وفى نصف العمل. ولو قال: من رده إلي فله كذا، وكان في يد شخص حالة النداء، فرده- استحق إن كان في رده كلفة ومؤنة كالعبد الآبق، وإن لم يكن كالدراهم والدنانير فلا يستحق. ولو جاء به من لم يسمع النداء، ثم سمعه قبل أن يدفعه إلى سيده، ثم دفعه- استحق.
قال الماوردي: لأن السامع للنداء لو أجابه من أقرب المواضع استحق؛ فكذا هذا.