والخلاف يجري في الرهن من طريق الأولى؛ لأن الضمان أوسع ثبوتاً.
وقد ذكر الفوراني وجهاً: أنه يجب دفع المال كالإجارة.
وقال الغزالي: إنه فاسد. وسلك الإمام طريقاً في تصحيح الضمان والرهن مع القول بعدم وجوب تسليم العوض قبل السبق، فقال: لا يبعد أن يكون استحقاق السبق موقوفاً مراعى: فإذا سبق من شرط له السبق تبينا أنه استحق ذلك بالعدقن ويكون على هذا ضمان السبق كضمان العهدة، وهذه عهدة تقبل الرهن أيضاً؛ فإنها ستبدو على القرب؛ فليست كعهدة المبيع، ثم إنه ليس لمعرفتها غاية تنتظر.
وما أبداه الإمام احتمالاً من كون استحقاق السبق يكون موقوفاً على هذا القول، قد حكى مثله قولاً منصوصاً في ملك الأجير الأجرة في كتاب الزكاة، وحكاه الماوردي في كتب الإجارة.
قال: وكالجعالة في القول الآخر، والجامع: أنه عقد يبذل العوض فيه على ما لا يوثق به؛ فعلى هذا قال: فيجوز فسخها، أي: قبل الشروع، والزيادة فيها، أي: في العوض وإعداد السهام، والامتناع من إتمامها، ويفسخها متى شاء، أي: بعد الشروع، وإن كان لأحدهما فضل ولا يأخذ فيها الرهن والضمين؛ لأن هذه أحكام الجعالة.
وقيل: إذا كان لأحدهما فضل لم يجز للمفضول الفسخ، وإلا أفضى الأمر إلى ألا يسبق أحد أحداً؛ فإنه يفسخ إذا أحس بغلبة صاحبه؛ فعلى هذا: يكون العقد جائزاً ما لم يظهر فضل، فإذا ظهر لزم في حق المفضول. وهذا الوجه- كما قال في "المهذب"- يجري في طلب الزيادة.
وقيل: يجوز أخذ الرهن والضمين فيها؛ كما قيل في الجعالة على النعت المذكور في بابيهما، ورتب الإمام الخلاف في الرهن على الضمان، فقال: إن جوزنا الضمان ففي الرهن وجهان.
وعلى هذا القول: لا يفتقر إلى القبول بالقول، وفيه وجه حكاه الإمام.
وقد اختلف الأًحاب في محل القولين في الأصل:
فالذي حكاه في "المهذب"، والبندنيجي في كتاب الضمان والرهن، والقاضي