للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصود عليه، وهل يشترط تدانيهما في كثرة الإصابة وقلتها، حتى لو كان أحدهما كثير الإصابة والآخر كثير الخطأ- لا يصح؟ فيه وجهان، وجه المنع: أن نضل أحدهما معلوم؛ فيكون الناضل منهما كآخذ المال بغير حق.

فعلى هذا: لو ترامى غريبان صح، وإن أمكن أن يكون أحدهما بحيث لو علم حاله لتحقق عجزه أو ظفره.

وعن الشيخ أبي محمد في "المنهاج": أنه لا يبعد عن القياس المنع؛ لما فيه من الجهالة العظيمة، ولكن الشافعي نص على تجويزه. ثم إذا ظهر أنه لا يحسن الرمي بطل العقد، وإن تبين أن أحدهما أحذق فهل يتبين بطلان العقد؟ فيه خلاف في "الرافعي".

قال: "فإن خرج في أحد الحزبين من لا يحسن الرمي" أي: مثل أن أدخل الزعيم غريباً في حزبه على ظن أنه يحسن، فبان عدمه- قال: "بطل العقد فيه"؛ لما ذكرناه، "وسقط من الحزب الآخر بإزائه واحد"؛ ليحصل التساوي؛ كما لو خرج أحد العبدين المبيعين مستحقاً فإنه يبطل العقد فيه، ويسقط ما قابله من الثمن.

قال: "ثم الرماة بالخيار بين فسخ العقد وبين الإمضاء"؛ لتبعيض الصفقة عليهم، وقيل في المسألة قول آخر: إن العقد قد بطل في الجميع؛ عملاً بقاعدة تفريق الصفقة.

وهذا الطريق هو المشهور، وهو الذي اقتصر ابن الصباغ على إيراده، وجعل الذي يبطل العقد فيه من الحزب الآخر إذا رأينا تفريق الصفقة للشخص الذي اختاره الزعيم في مقابلة من لا يحسن الرمي، كما ذكرناه من قبل، وكلام الشيخ في "المهذب" يقتضي أنه لا يتعين؛ فإنه قال تفريعاً على قول عدم البطلان في الجميع: لو اختلف الرماة في تعيين من يخرج في مقابلة من لا يحسن الرمي فسخ العقد؛ لأنه تعذر إمضاؤه على مقتضاه.

ومن أصحابنا من قال: يبطل العقد في الجميع قولاً واحداً؛ لأن في مقابلته في الحزب الآخر لا يتعين؛ فلا وجه للقرعة.

واستدرك الإمام ورأى أن يفصل فقال: إن كان الآخر بحيث لا يتمكن من أخذ القوس ونزع وتر فالحكم كما ذكروه، وإن كان يتمكن منها، لكنه ما اعتاد الرمي- ففيه احتمال، ويتطرق أيضاً إلى أن مثل هذا هل يرامى مع العلم بحاله،

<<  <  ج: ص:  >  >>