للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يملك وإن لم يزرع؛ لأنه انتفاع فلم يكن شرطاً في الملك؛ كسكنى الدار، وهذا [ما] مال [إليه] الأكثرون، ونسبه الماوردي إلى نص في "الأم"، واختيار أبي إسحاق وصححه.

ورأيت في "الرافعي" أن الماوردي غلط من قال بخلافه، ولم أره في "الحاوي" في هذا الموضع، [وهو في "الأحكام"].

قال الرافعي: والأشبه تفصيل ذكره القاضي ابن كج، وتلخيصه: [أن البقعة] إن كانت بحيث يكفي لزرعها ماء السماء فلا حاجة إلى سقي ولا ترتيب ماء. وحكى عن أبي علي الطبري وجهاً: أنه لا بد منه وضعفه. وإن كانت تحتاج لها ماء يساق إليها لزم تهيئته من عين أو نهر أو غيرهما، فإذا هيأه بأن حفر له طريقاً ولم يبق إلا إجراء الماء كفى، ولم يشترط الإجراء ولا سقي الأرض، فإن لم يحفر بعد فوجهان.

وأرض الجبال التي لا يمكن سوق الماء إليها ولا يصيبها إلا ماء السماء، قال صاحب "التقريب": إلا أنه لا مدخل للإحياء فيها، وبه قال القفال، وبنى عليه أنا إذا وجدنا شيئاً من تلك الأراضي في يد إنسان لم يحكم بأنه ملكه، ولا يجوز بيعه وإجارته.

ومن الأصحاب من قال: يملك بالحراثة وجمع التراب على الأطراف، وهو ما اختاره القاضي الحسين، ولا خلاف أنه لا يشترط الحصاد، ويشترط أن يجمع تراباً يحيط بالأرض، وهو الذي يسميه أهل العراق- كما قال الماوردي- مساناة؛ لتتميز عن غيرها، ويقوم مقام ذلك الحجر والقصب والشوك.

وعند الشيخ أبي حامد: لا يشترط ذلك بعد سوق الماء إليها، وهو ظاهر كلام الشيخ، ولو كانت الأرض بطائح كان عوض سوق الماء إليها حبس الماء عنها.

فرع: إذا قصد إحياء بستان أو كرم فلا بد من التحويط بما جرت به العادة من قصب أو بناء أو شوك، وإن لم تجر عادة به- كما بالبصرة وقزوين- فلا يشترط، وحينئذ يكتفي بجمع التراب حواليه؛ كالمزرعة، كذا قاله ابن كج، والقول في سوق الماء إليه على ما ذكره في المزرعة، وغرس الأشجار عند من اعتبر

<<  <  ج: ص:  >  >>