للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إنه يملكه، قال الإمام: فظاهر المذهب أنه لا يملك البقعة المحياة أيضاً؛ لأن المعدن لا يتخذ داراً ولا مزرعة فالقصد فاسد، ومنهم من قال: يملكها بالإحياء.

قال: والشجر والكلأ وما ينبت فيه؛ لأنه تابع.

والكلأ: مقصور مهموز، وهو يطلق على الرطب واليابس، بخلاف الحشيش؛ فإنه لا يطلق إلا على اليابس.

وذهب الصيمري وجمهور البصريين إلى أن الكلأ النابت في الأملاك لا يملك.

قال الماوردي: والأصح عندي اعتبار العرف فيما أرصدت له تلك الأرض، فإن كانت مرصدة لنبت ذلك، وهو المقصود من نباتها: كالآجام المرصدة لمنابت القصب، والغياض المرصدة لمنابت الشجر، والمراعي المرصدة لمنابت الكلأ- فهو ملك لرب الأرض، وإن كانت مرصدة لغير ذلك من زرع وغروس؛ فنبات الكلأ والحشيش فيها ضرر بها؛ فلا يستقر ملكه عليه.

وعلى الأوجه الثلاثة لا يلزمه تمكين المواشي من رعيه ولا تمكين أهلها من جزه.

قال: "وينبع" أي: من ماء وغيره؛ لأنه مما ملكه فأشبه شعر الغنم.

وينبع: مضموم الباء ثانية الحروف، وتفتح وتكسر، ويقال: نبع ينبع نبعاً نبوعاً ونبعاناً.

قال: ويملك معه ما يحتاج إليه من حريمه ومرافقه؛ لأن هذا هو العرف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده مع تضايق أملاكهم، "وقيل: لا يملك ذلك"، بل يستحق الانتفاع به؛ لأن ذلك يحصل بالإحياء، ولم يوجد فيها إحياء، وهذا ما عزاه ابن الصباغ إلى الشيخ أبي حامد، وقد يستدل له بما روي أنه- عليه السلام- قال:"لاَ حِمَى إِلَّا فِي ثَلاَثَةٍ: [ثُلَّةُ] الْبِئْرِ، وَطَوْلُ الْفَرَسِ، وَحَلَقَةُ الْقَوْمِ" وثلة البئر: ملقى طينها، وطول الفرس: ما انتهى إليه الفرس بحبله الذي قد ربط به، وحلقة القوم: عبر به عن النهي عن الجلوس وسط الحلقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>