للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلام الماوردي إشارة إلى خلاف فيه، كما سنذكره عند الكلام في مقاعد الأسواق.

وحريم المزرعة: طرقها ومغيض مائها ومسيله وبيدر زرعها، وما يستغنى به من مرافقها.

وحريم البئر: بقدر ما يقف عليه المستقي إن كان للشرب، وبقدره مع الدولاب وترداد البهيمة إن كان الاستقاء بها، ومصب الماء، والموضع الذي يجتمع فيه لسقي الماشية والزرع من حوض أو نحوه، والموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منه وإن كان الاستقاء بالناضح، فحريم البئر قدر عمقها من كل جانب، وإن كان ألف ذراع- كما حكاه البندنيجي- وحمل الأصحاب قوله صلى الله عليه وسلم: "حَرِيمُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً" على [آبار] الحجاز؛ فإنها تكون عميقة تحتاج في الموضع التي يمر فيها الثور إلى ذلك المقدار.

وحريم النهر: ملقى الطين وما خرج منه من التقن- بكسر التاء ثالثة الحروف وتسكين القاف- وهو رسابة الماء- بفتح الراء وسين غير معجمة وباء ثانية الحروف- ويقال: إن ذلك يجتمع في الربيع.

وأما القناة فآبارها لا يستقى منها حتى يعتبر به الحريم؛ فحريمها: القدر الذي لو حفر فيه لنقص ماؤها وجف من انهيار وانكباس، ويختلف ذلك بصلابة الأرض ورخاوتها.

وفي "الوجيز" وجه: أن حريمها حريم البئر التي يستقى منها، ولا يمنع من الحفر بعد ما جاوزه، وإن نقص، وهذا بناء على ما حكى عن الشيخ أبي حامد: [أن] من حفر بئراً في موات كان لغيره أن يحفر فيما وراء حريمها، وإن نقص ماء الأولى بسبب ذلك، وهو قول الشافعي- كما حكاه الماوردي- فيما إذا نضب ماء البئر الأولى، أو كانت البئر الثانية بئر بالوعة فتغير بسببها ماء الأولى.

وحكى وجه آخر- وبه أجاب القاضي أبو الطيب في "تعليقه" وابن الصباغ، وجعله الرافعي الأظهر تبعاً للغزالي: أنه يمنع من الحفر حيث ينقص ماء

<<  <  ج: ص:  >  >>