للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقه. والمذكور في "الوسيط" و"الإبانة": أنه متى قام لأجل الليل، لم يبطل حقه، وكذا إذا غاب يوماً أو يومين لمرض أو شغل، وإذا طالت غيبته بطل حقه، وظاهر كلام الشيخ- أيضاً- أنه لا فرق في السابق بين أن يكون مسلماً أو ذمياً، وقد حكى القاضي ابن كج في ثبوت هذا في حق الذمي وجهين.

فرع: لو أراد غيره أن يجلس في مدة غيبته القصيرة للمعاملة إلى أن يعود فهل يمكن منه؟ فيه وجهان، أظهرهما: الجواز؛ كي لا تتعطل منفعة الموضع في الحال.

قال: فإن طال مقامه وهناك غيره أي: محتاجاً إليه، أو سبق اثنان إليه- "أقرع بينهما"؛ توخيا للتسوية، وهذا هو الأصح.

وقيل: يقدم الإمام أحدهما؛ لأن له نظراً واجتهاداً يدفع به المنازعة.

وحكى الماوردي: أن أصل هذا الخلاف اختلاف الأصحاب في أن نظر الإمام في المقاعد مقصور على كفهم عن التعدى ومنعهم من الإضرار، أو نظره نظر مجتهد فيما يراه صلاحاً من إجلاس ومنع وتقديم كما يجتهد في أموال بيت المال؟ فالأول مبنى على الأول، والثاني على الثاني.

وقيل: للإمام أن يقيم من طال مقامه وإن لم يكن هناك غيره؛ كي لا يصير ذريعة إلى تملكه وادعائه، حكاه في "المهذب" وغيره.

تنبيه: ميم مقامه مضمومة، والمعنى: إقامته. والمقام- بالفتح-: موضع الإقامة.

قال: وإن أقطع الإمام شيئاً من ذلك، صار المقطع أحق بالارتفاق به؛ لأن إقطاع الإمام في الموات قائم مقام السبق والتحجر فكان هنا مثله، وهذا ما نص عليه الشافعي، وعليه الأكثرون.

وقيل: لا مدخل لإقطاع الإمام في هذا الارتفاق؛ لأنها منتفع بها على صفتها من غير عمل فأشبهت المعادن الظاهرة، وهذا ما جعله الغزالي أظهر، ويقال: إنه اختيار القفال، وجعل الماوردي أصل [هذا] الخلاف [الخلاف]

<<  <  ج: ص:  >  >>