للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنه يشبه- على قياس ما قاله العراقيون- أن يقال: إن كان أحدهما تاجراً والآخر محتاجاً يقدم المحتاج.

قال: فإن أقطع الإمام شيئاً من ذلك لم يصح إقطاعه؛ لما روت بهيسة عن أبيها أنه قال: "يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: "الْمَاءُ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: "الْمِلْحُ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: "أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرُ لَكَ".

ولما روى ثابت عن سعيد عن أبيه عن جده الأبيض بن حمال المازني أنه استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملح مارب، فأقطعه، فقال الأقرع بن حابس التميمي: يا رسول الله، إني قد وردت الملح [في الجاهلية]، وهو بأرض ليس فيها ملح، ومن ورده أخذه، وهو مثل الماء [العد بأرض]، فاستقال الأبيض من قطيعته الملح، فقال الأبيض: قد أقلتك منه على أن تجعله مني صدقة، فقال- عليه السلام-: "هُوَ مِنْكَ صَدَقَةُ، وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ مِنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ"، خرجه أبو داود.

والمارب- غير مهموز-: موضع.

والعد- بكسر العين-: مجمع الماء، قاله الخليل.

وقال الأزهري: الماء العد: الكثير الذي لا ينقطع كماء البئر، وماء العين.

قال أبو الطيب: ولأن المسلمين أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقطع السلطان مشارع الماء فيجعله أحق بها من غيره؛ فكذلك لا يجوز أن يقطعه شيئاً من المعادن الظاهرة؛ لأنه بمنزلة الماء من حيث إنها بارزة ظاهرة لا يحتاج في

<<  <  ج: ص:  >  >>