فرع: إذا عرف الملتقط صاحب اللقطة فعليه الرد عند التمكن، وإن لم يطالب على أظهر الوجهين، حكاه الرافعي في كتاب الوديعة.
قال:"وإن وجد اللقطة في الحرم لم يجز أن يلتقطها إلا للحفظ على ظاهر المذهب"؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مكة:"إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا".
أحدهما- وهو قول أبي عبيد-: أنه صاحبها الطالب لها، والناشد هو الواجد المعرف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَحِلُّ لِمَنْ يَتَمَلَّكُهَا، إِلَّا صَاحِبَهَا الَّتِي هِيَ لَهُ".
و [التأويل] الثاين- وهو قول الشافعي-: أن المنشد: الواجد المعرف، والناشد هو المالك الطالب، روى أنه- عليه السلام- سمع رجلاً ينشد في المسجد فقال:"أَيُّهَا النَّاشِد، غَيْرُكَ الْوَاجِد! " معناه: لا وجدت؛ كأنه دعا عليه.
فعلى هذا معنى قوله:" وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ". أي: لمعرف عزم [على] تعريفها، ولا يتملكها.
قال: وقيل يجوز أن يلتقطها للتملك؛ لأن الالتقاط نوع كسب فاستوى فيه الحل والحرم؛ قياساً على سائر أنواع الكسب، والمراد من الخبر: أنه لا بد من تعريفها كسائر البلاد؛ كي لا يتوهم أن تعريفها في الموسم كان لكثرة الناس، وبعد العود في طلبها من الآفاق.