للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: "وقيل: يعرف، ولا يعزل القيمة"؛ لأن البلد إذا لم يعزل مرض، وإذا عزل أماننة، والقرض- لأنه في الذمة- لا يخشى هلاكه، وهذا قول أبي إسحاق، وهو الأظهر في "الرافعي".

أما إذا كان في الصحراء، فقد قال الإمام: الظاهر أنه لا يجب التعريف؛ لأنه لا فائدة فيه في الصحراء.

وإذا تأخر بعد العثور على المستحق فقد حكى القاضي الحسين قولاً في عدم وجوب التعريف؛ أخذاً من عدم وجوبه في الشاة في الصحراء، ثم قال: والصحيح الفرق، وهو أن الطعام يمكن تعريفه حيث وجد، بخلاف الشاة في المفازة.

وحكي قول آخر قال به أبو إسحاق وابن أبي هريرة وطائفة: أنه لا يجوز له الأكل في البلد، بل يبيع؛ لأن البيع متيسر في العمران.

والأول أرجح عند عامة الأصحاب، ومنهم من قطع به كالشيخ.

وحكى الماوردي أن أبا علي الطبري حمل القولين على اختلاف، وقال: إن تيسر البيع فلا يأكل، وإلا فيأكل.

وقال الصيمري: إن كان الآخذ فقيراً أكل، وإن كان غنياً لم يسغ الأكل.

ولا خلاف أنه إذا لم يقدر على البيع جاز له الأكل، قاله القاضي الحسين.

فرع: إذا اختلفت القيمة يوم الأخذ ويوم الأكل ففي بعض الشروح: أنه إن أخذ للأكل غرم قيمته يوم الأخذ، وإن أخذ للتعريف اعتبر قيمته يوم الأكل.

قال: وإذا أراد البيع رفع إلى الحاكام لولايته، فإن لم يكن حاكم باع بنفسه وحبس ثمنه؛ لأنه موضع ضرورة، فلو باع بنفسه مع وجود الحاكم فأظهر الوجهين- وبه قال أبو حامد وأبو الطيب في "تعليقه"-: أنه لا يجوز، بل لابد من استئذانه.

ووجه الثاني: أن الملتقط ناب عن المالك في الحفظ؛ فكذلك في البيع. وهذا الترتيب في الخلاف يجري في كل موضع جوزنا فيه بيع اللقطة كما نبه عليه الرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>