للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، فالمختار أن يردها؛ لما روى أبو داود عن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر, إني أراك ضعيفًا, وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ فلا تأمرن على اثنين, ولا تلين مال يتيم". وأخرجه مسلم والنسائي.

قال: ويجوز أن يوصي إلى نفسين، كما يجوز أن يوكل إلى نفسين، فإن أشرك بينهما في النظر، لم يجز لأحدهما أن ينفرد بالتصرف؛ لأن تصرفه بالإذن من الموصي، ولم يوجد رضاه بنظره وتصرفه وحده.

وصورة الإشراك في التصرف - كما قال القاضي أبو الطيب-: أن يقول: "ولا ينفرد أحدهما بالتصرف"، أو يقول: "أوصيت إليكما باجتماعكما".

وعلى هذا: إذا أذن أحدهما للآخر في التصرف، أو أذنا لشخص فيه - جاز، وإن انفرد أحدهما به، لم ينفذ، وضمن، سواء كان التصرف موقوفا على اجتهاد أم لا؛ كما هو ظاهر كلام الشيخ وغيره.

وقال الرافعي: إنك ستجد في كلام الأصحاب ما هو كالتصريح به.

وقال البغوي وغيره: إذا كانت الوصية مما لا يفتقر إلى اجتهاد: كرد وديعة، أو عارية، أو مغصوب، أو وصية بشيء معين، أو قضاء دين اشتملت التركة على جنسه - فإن لكل منهما أن يتفرد به؛ لأن صاحب الحق مستقل بالأخذ في هذه الصورة؛ فلا يضير الانفراد، وعلى ذلك جرى الماوردي في مسألة الوصية، وقضاء الدين، وهو في غيرهما من طريق الأولى.

وقد اعترض معترض على ذلك بأن الوصاية في رد الوديعة والمغصوب، ودفع الموصى به إذا كان معينا - قد اختلف في صحتها: فرأى بعضهم جوازها.

وعليه يدل ما ذكرناه في كتاب الوديعة، ورأى الإمام وطائفة أنها لا تصح؛ لأنها مستحقة بأعيانها، فيأخذها أصحابها، وإنما يوصى فيما يحتاج إلى نظر واجتهاد كما سنذكره.

فمن قال بهذا استغنى عن الاستثناء.

ومن قال بالأول - وهو قضية صاحب التهذيب - يجب ألا يصح التصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>