وأيضاً: فإن الوارث له قضاء الدين وإن لم يكن وصيا [من جهة الموروث، وليس له صرف المال إلى الفقراء؛ إذا لم يكن وصياً]، بل الحاكم يصرف المال إليهم.
فعلى هذا صرف المال إليهم يكون تبرعا من جهته، وحق الفقراء باقٍ في مال الموروث.
وحكى عقيب ذلك فيما إذا مات وعليه دين وله على رجل دين، فجاء من عليه الدين بمال ودفعه إلى الوارث - فإن [الغريم له مطالبة الوارث] بالمال، والقابض له هو الحاكم، فإذا غرم رجع بما غرمه على الوارث.
ثم قال: وهذا إنما يصح على قولنا: إن الرجل إذا مات وعليه دين وله على رجل دين، فجاء الوارث، وأقام شاهدا على ذلك الحق، ولم يحلف الوارث، أن الغريم يدعي ويحلف على قول.
وذكر أيضاً في الموضع المذكور؛ أنه إذا كان على الميت دين، وله وديعة عند رجل، ومات: أنه ليس للمودع أن يدفع المال إلى الوارث، ولو أنه [دفع المال] إلى الوارث وأتلفه، وجب على المودع الضمان، والغريم يطالبه بالمال، وهو يرجع بالغرم على الوارث. انتهى.
وهذا يدل على أن الوارث لا يسوغ له قبض مال [اليتيم] عند وجود الدين؛ إذا لم يكن له وصية بذلك. أما إذا كانت له وصية بذلك.
قال القاضي الحسين: إن الدفع للموصى مبرئ، وكذلك القاضي.
قال؛ وإن أوصى بمعصية: كبناء كنيسة، أو كتب توراة، أو بما لا قربة فيه، كالبيع من غير محاباة - لم يصح؛ لأن الشرع إنما شرعها اجتلاباً للحسنات، ولاستدراك ما فرط وفات؛ قال عليه السلام:"إن الله أعطاكم ثلث أموالكم في آخر أعماركم؛ زيادة في أعمالكم".