للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصححه القاضي أبو الطيب، وقد استشهد له بما [إذا] قال: إن كان هذا الطائر غراباً فزوجته طالق، وإن لم يكن غراباً فعبده حرٌّ، فإنه [عند اللبس يقرع] بينهما لأجل الحريّة، وإن كانت القرعة لا تفيد في الطرف الآخر، والذي ذهب إليه الأكثرون- وهو الأصح في "التهذيب"-: أن القرعة لا معنى لها في هذه الصورة.

قال في "التهذيب": لأن القرعة إنما تكون في موضع يتحقق الوقوع، [ثم يشكل]، وهنا لم يتحقق الوقوع فلا قرعة؛ كما لو طار طائر فقال رجل: إن كان هذا غراباً فعبدي حُرٌّ، وإن لم نتبين لا يقرع للحرية.

ووجهه الإمام: بأن القرعة [إنما تجري] إذا تردد العتق بين شخصين، ورددنا العتق بينهما قصداً، وأشكل الأمر، وليس الأمر كذلك في هذه المسألة؛ فإن الغلام لم يحصل في معاوضة الجارية، فالوجه أن يقال: الغلام حُرٌّ بكل حال، والأم أشكل أمرها؛ فالأصل بقاء [الرق فيها]، وبما ذكرناه عن الإمام من العلة يظهر الفرق بين هذه المسألة، وبين ما صار إليه جمهور الأصحاب فيما إذا أشار شخص إلى أمة لها ثلاثة أولاد، وقال: أحد هؤلاء ولدي، استولدتها به في ملكي- أنه يقرع بين الأولاد الثلاثة مع أن الأصغر [حرّ] بكل حال؛ فتكون فائدة القرعة: أنها لو خرجت عليه [اقتصر العتق عليه]، وإن خرجت على غيره عتق مع غيره، وغلطوا المزني في قوله معترضاً على نص الشافعي- رضي الله عنه-: "كيف يدخل الصغير في القرعة وهو حر بكل حال؟! "؛ لأجل ما أبدوه من الفائدة، على أن في النفس من تسليم ما ادعاه الإمام شيئاً.

إذا قال: أول عبد من عبيدي يدخل الدار فهو حرّ، فدخل واحد عتق، وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>