للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمولة على أن العبد يستسعى لسيّده الذي لم يعتق [أي]: يخدمه بقدر نصيبه؛ كي لا يظن أنه يحرم عليه استخدامه، وكذلك قال: "غَيْرَ مَشْقُوقٍ [عَلَيْهِ] " أي: لا يحمل فوق ما يلزمه من الخدمة.

فإن قيل: جاء عنه في رواية أخرى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصاً لَهُ أَوْ شَقِيصاً لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَخَلَاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ"، وهذا ينفي التأويل.

قيل في جوابه: إن أبا داود قد رواه عن روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة [ولم يذكر السعاية، ويحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة] ولم يذكرا فيه السعاية.

وقال البخاري: رواه سعيد عن قتادة ولم يذكر فيه السعاية.

وقال الترمذي: روى شعبة هذا الحديث عن قتادة ولم يذكر أمر السعاية.

وقال الخطابي: اضطرب سعيد بن أبي عروبة في السعاية يذكرها مرة، ولا يذكرها مرة؛ فَدَلَّ على أنها ليست من متن الحديث عنده، وإنما هو من كلام قتادة، وتفسيره على ما ذكره همام وبينه؛ فإن النسائي قال: إن هماماً ما روى هذا الحديث عن قتادة، فجعل الكلام الأخير- قوله: "وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ"- قول قتادة، والله تعالى أعلم.

ويندرج في هذه الحالة ما إذا أوصى بعتق حصته من عبد بعد الموت، أو دبر حصته من عبده؛ لأن التركة انتقلت إلى الورثة بموته، اللهم إلَّا أن يوصي بأن يعتق حصته، ويكمل من ثلثه؛ فإن ذلك يصير كالمستثنى من مال الورثة؛ فيكون موسراً به، كذا قاله الروياني، وحكى الرافعي عن القاضي أبي الطيب أنه قال: عندي إذا أوصى بالتكميل؛ فإنما يكمل باختيار الشريك؛ لأن التقويم إذا لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>